للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يدركه إلا في سجود السهو بعد السلام. ودليلنا قوله - صلى الله عليه وسلم -: من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة (١). ومن أدركهم جلوسا صلى ظهرًا أربعًا. قال بعض أصحابنا والصحابة على القولين الذين ذكرنا عنهما. ومذهب أبي حنيفة إحداث قول خارج عنهما. وأيضًا فإنه وافق على أن هروب الناس عن الإِمام قبل عقد ركعة يمنع من انعقاد الجمعة، فكذلك المأموم إذا لم يدرك ركعة. لأن الجماعة شرط في حق الإِمام والمأموم. وقد كنا قدمنا ما أشار إليه أصحابه من الفرق بين الإِمام والمأموم في هذا. ولا تعلق لأبي حنيفة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا (٢). لأن من أدرك ما بعد الركوع غير مدرك في الحقيقة؛ لأنه لا يعتد بما أدرك بل يقضيه. وإذا كان غير مدرك فقد فاتته الجمعة كلها.

والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: قد كنا قدمنا الكلام في حكم الناعس والمزاحم عن الركوع والسجود *وذكرنا ما اتفق عليه من ذلك وما اختلف فيه* (٣) وذكرنا تفرقة بعض أصحابنا بين المزاحم والناعس وما قيل في الفرق بينهما *وقد قيل في الفرق بينهما* (٤) إنما كان المزاحم لا يتبع بخلاف غيره لأن المزاحم ذاكر فللذكر تأثير في لزوم الفريضة. ولذلك اتفق أصحابنا على أن المربوط يقضي بخلاف المغمى عليه. وإذا كان المزاحم في حكم الملزوم بالاتباع لذكره لم يعذر في الترك حتى يمكن من تلافي ما فات (٥). وقد كنا قدمنا أيضًا اختلاف المذهب في السلام هل يكون ركنًا مانعًا من تلافي ما فات أم لا؟ فمن أدرك الأولى من الجمعة وزوحم عن سجود الثانية حتى سلم الإِمام، لم يأت بالسجود عن ابن القاسم بعد السلام وأتى به عند أشهب. لأنه في التشاغل (٦) به بعد السلام لا يخالف الإِمام في ركن يجب أن يتبعه فيه بخلاف


(١) تقدم تخريجه عن منتخب - كنز العمال ج ٣ ص ٢٨٩
(٢) تقدم تخريجه قريبًا - وفي قل فأتموا.
(٣) هو -و-.
(٤) هو -و-.
(٥) ما فات = ساقطة -و-.
(٦) بالتشاغل - قل.

<<  <  ج: ص:  >  >>