للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل في المداينة المشترط فيها القبض ببلد غير بلد المعاقد.]

اعلم أن اشتراط القبض [ببلد بعينه يوجب الوفاء به إذا كان لمشترطه فائدة فيه. ولما أن اتضح أن الدنانير والدراهم يتفق فيها أسعار البلاد وأغراض أهاليها] (١) لم يجب عند أهل المذهب الوفاء بهذا الشرط، بل قصر على من باع سلعته بدنانير أو دراهم وشرط قبضها ببلد سماه، وضرب لذلك أجلًا، أنه يحكم على المشتري بدفعها إذا حلّ الأجل حيث ما كان من البلاد، إذ لا فائدة له في التأخير إلى البلد المشترط حين العقد. ولهذا أيضًا احتيج في صحة هذا البيع اشتراط الأجل؛ لأن ذكر البلد لما كان ملغىً مطَّرحًا لا يقضى به، صار ذكره كالعدم. فإذا لم يذكر الأجل فسد البيع، لكون البيع على ثمن مؤخر إلى أجل غير معلوم، ولم يجعلوا مسافة البلد كأجل معلوم، لما كان ذكره لا يقضى به، فصار مشترطه كأنه لم يشترط بلدًا، وباع بثمن مؤخر إلى أجل غير معلوم.

ولو كانت الدنانير المبيع بها هذه السلعة معينة غائبة ببلد معلوم، عقد البيع عليها، لصحّ ذلك إن اشترط حلفها (٢)، وصار كبيع بدنانير في الذمة لما اشترط حلفها (٢). وإن لم يشترط حلفها (٢) ففي صحة البيع قولان.

وقد استحب ابن المواز ها هنا ذكر الأجل، ولم يوجبه كما أوجبناه في العقد على دنانير في الذمة، لأجل أن البيع وقع ها هنا على ثمن معين (من حق مشترط تعينه ألا يلزم غيره) (٣) يقدَّر ها هنا مسافة البلد كذكر الأجل لما تعلقت المعاوضة بأمر معين غائب، بخلاف ما كان في الذمة.


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (و).
(٢) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: خلفها.
(٣) هكذا في جميع النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>