فذكر في المدونة أنَّ البائع إن كان قريب الغيبة كتب إليه فيما قام به المشتري. وإن كان بعيد الغيبة تلوم له إن رجي قدومه. فإذا لم يرج قدومه، قضى عليه أن يثبت أنَّه اشترى على بيع الإِسلام وعهدتة، وأنَّه نقد الثمن.
فأشار إلى اشتراط ثبت بشروط.
أمَّا الشرط الأوَّل: وهو إقامة البينة على أن البيع عقد على الصحَّة، وعلى بيع الإِسلام لا على الفساد الذي هو خلاف بيع الإِسلام، فإنَّ هذا الشرط لا يمنع من القضاء على الغائب عدم البينة التي تشهد به. لأنَّ البائع لو كان حاضرًا فزعم أنَّه عقد عقدًا، زعم المشتري أنَّ العقد صحيح، فإنَّ القول قول المشتري لدعواه الصحَّة. وأقصى مراتب البائع أن يكون حاضرًا فيدعي الفساد فلا يصدَّق، ويصدق المشتري وإن لم تكن له بينة تصدقه. لكن المشتري لا يصدق ها هنا إلَاّ مع يمينه فيترقَّب أن يأتي البائع فيدعي أنَّ العقد فاسد يجب فسخه وردُّ المعيب إليه، ولا يباع عليه. فيتوجَّه على المشتري اليمين، فيطلبها مثله القاضي إذا كان البائع غائبًا، ويقدر أنَّ البائع حضر فادَّعى الفساد، وطلب يمين المشتري، فيقف الحكم على تحليفه. كما لو أثبت رجل دينا على غائب، فإنَّ القاضي لا يقضي له حتَّى يحلف أنَّ الدين ما قضاه من هو عليه ولا أسقط عنه، مخافة أن يأتي الذي يثبت الدين عليه فيدَّعي القضاء، فلا يثبت القضيَّة إلَاّ إذا حلف قابض الدين.