واعلم أنّا كنّا قدّمنا في كتاب السلم القول في كثير من أحكام القرض ما يجوز منه وما لا يجوز، وحكم قرض الجواري، والخلاف في ذلك على ما شرحناه هناك من صفة الخلاف الواقع فيه. ولمّا ذكر في المدوّنة في كتاب بيوع الآجال جملًا من القروض الفاسدة وقدّمنا العذر على توخّينا ترتيب المدوّنة، ألحقنا بالفصل المتقدّم هذا الفصل.
فالكلام في القرض الفاسد من وجوه أحدها أن يقال:
١ - ما حكم القرض إذا فسد وكان قائمًا؟
٢ - وما حكمه إذا فسد وكان قد فات؟
٣ - وهل يفسد من جهة اشتراط قضائه ببلد آخر؟
٤ - وهل يفسد من جهة اشتراط تعيين صفته؟
٥ - هل يجوز تصديق المقرض في مقدار القرض وما علة ذلك؟ (١)
فالجواب عن السؤال الأوّل أن يقال: قد قدّمنا أن الذّهب بالذّهب نسيئة ربا، وأنّ الشّرع عما عن ذلك إذا وقع على جهة القرض المرادِ به منفعة المتسلّف، لأجل ما في ذلك من المعروف والإحسان, والله سبحانه أمر بهما على الجملة. فإذا قصد دافع القرض منفعة نفسه خاصّة أو منفعة نفسه ومنفعة من أخذ القرض؛ فإنّ ذلك ممنوع، ومندرج تحت الرّبا الّذي ذكرنا. وهكذا ذكر ابن عمر رضي الله عنه لمّا قسم القرض إلى ما يراد به الأجر أو يراد به وجه آخذه أو يراد منفعة دافعه، فأشار إلى جواز الوجهين الأولين ومنع الثّالث لكونه ربا.
وقد تقدّم ما يجوز من التطوّع في الزّيادة في القرض عند القضاء وما لا
(١) هذا السؤال أجاب عنه بعد السؤال الرابع. وهو ساقط في النسختين.