للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عطاء بن أبي رباح ولو بلغه أن أباه مريض والإمام يخطب لرخصت له أن يذهب إليه. وأجاز السلفَ من أهل المدينة ويحيى بن سعيد والليث التخلف للمريض. وعن يحيى بن أبي كثير والأوزاعي من العذر الجنازة تكون بحضرة القوم يتقون عليها إن أخروها أن تتغير. وقاله الليث. وقال لا أرى بأسًا أن يقيم (١) حتى يموت ويترك الجمعة. وعن يحيى بن سعيد حضور الجمعة واجب على كل مسلم إلا أن تكون جنازة لا بد له من حضورها. وإن تركت ضاعت.

فذلك على أهلها ولا بد له منها. وقال الشافعي مثله وعن الوليد ابن أبي الوليد قال: قلت لمحمد بن كعب القرظي. أبلغك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من ترك الجمعة ثلاث مرات إلا أن يكون مريضًا أو في جهاز ميت طبع الله على قلبه (٢). فقال هذا حديث معروف عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهذا الحديث الذي ذكره ابن شعبان قد أشار فيه إلى أن الاشتغال بجهاز الميت عذر في ترك الجمعة.

وجملة الأمر فإن الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة قد تتعلق بالنفس كالخوف من القتل وما في معناه أو بالأهل. وقد ذكرنا حكم فرضهم والاشتغال بدفنهم. أو بالدين. وقد ذكرنا حكم من خاف أن يدعى إلى بيعة لا تجوز، أو بالمال، فلو خاف أن يأخذ السلطان ماله أو يسرق اللص بيته لَعُذِر في التخلف.

ويستعمل في جميع ذلك عند فقد الآثار والظواهر، المُوازنة بين تأكد وجوب الجمعة ومقدار ما ينال من الضرر لحضورها على حسب ما كنا قدمناه. فمن أحاط بهذا علماً رد إليه أكثر الخلاف في فروع هذا الباب.

ومما ينخرط في هذا السلك كون صلاة العيد عذرًا في التخلف عن الجمعة. وقد اختلف المذهب فيه على الجملة. قال ابن حبيب: قد جاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرْخص في التخلف عن الجمعة لمن شهد صلاة الفطر والأضحى صبيحة ذلك اليوم من أهل القرى الخارجة عن المدينة لما في رجوعهم من المشقة على ما بهم من شغل العيد وقد فعله عثمان بإذنه لأهل العوالي ألا


(١) أي يحضر حالة احتضاره.
(٢) الذي رواه أحمد بإسناد حسن من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير ضرورة طبع على قلبه. مجمع الزوائد ج ٢ ص ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>