للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأداؤها على الصفة المذكررة عند ابن المواز توسعة ورخصة. على أن الأحب إليه أن تصلّى كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: ولو صلوا بإمام واحد وبعضهم بإمام، وبعضهم أفذاذًا كانت صلاتهم جائزة. قال بعض أشياخي: ومقتضى هذا جواز صلاة طائفتين بإمامين لأنه لو كان علة اجتماع الكل على إمام واحد أن لا يخالف على الأئمة ما جاز أن يصلي بعضهم أفذاذًا. لأن ذلك غير جائز لمن جمعه مع الإِمام المسجد. وهذا الذي قاله شيخنا مخالف لما ذكرناه من تعليل بعض الناس (١) بثبوت صلاة الخوف إلى الآن لأن الاجتماع على إمام واحد هو المصلحة إلا أن يريد المعلل بذلك تعليل جواز إقامتها على الصفة المذكورة، أو تعليل استحباب ذلك فيكون غير مخالف لما قاله شيخنا لأنه إنما تكلم على ما يجوز لا على ما يستحب. على أن (٢) في إلزامه لابن المواز ما ألزمه نظر. لأن افتراق الأئمة وإظهار جماعتين، وإمامة (٣) إمامين ربما كان أثقل من تأخر بعض الناس عن الصلاة عن الإِمام وعدوله عن ذلك إلى أن يصلي وحده. وقد تقع صلاة الخوف على صفة يكون المصلي فذًا، بمكان لا يكون حاله فيه كحال من ضمّه المسجد مع الإِمام فقد (٤) لا يلزم ابن المواز ما ألزمه شيخنا. وتقييد ابن المواز قوله بما ذكره، وإضرابه عن الصلاة بإمامين قد يشير إلى ما قلناه من أنه قد لا يرى الصلاة بإمامين كصلاة البعض بإمام، والبعض أفذاذًا.

والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: أما صلاة الخوف في الحضر فإن مالكًا رضي الله عنه أجازها كما يجيزها في السفر. ومنع صلاتها في الحضر عبد الملك بن الماجشون وقال إنما تأولها (٥) أهل العلم في السفر لقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} (٦). ورآها مقصورة على السفر لهذه الآية، وأنه - صلى الله عليه وسلم - صلاها على هذه الصفة في السفر فصارت رخصة لا يقاس عليها. وقد


(١) الناس = ساقطة -و-.
(٢) لأن في إلزامه لابن المواز- و-.
(٣) وإقامة -و-.
(٤) هذا -و-.
(٥) إنما تأولها = ساقطة -قل-.
(٦) سورة النساء، الآية: ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>