للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدق ثم قال أبو موسى وهكذا كنت أكبّر بالبصرة حيث كنت عليها. وقد أجيب عن هذا بأن ما تعلق به من الآثار مالك والشافعي أزيد وأكثر فكانت أولى. فهذه المذاهب الثلاثة المشهورة قد ذكرنا وجوهها. وقد قدمنا اختلافًا كثيرًا في عدد التكبير. ومع كثرة ما حكيناه من الخلاف فقد حكى ابن المواز عن أشهب في الإِمام يكبّر أكثر من سبع في الأولى وخمس في الثانية فلا يتبع. قال وكذلك إن كبّر في الجنازة خامسة فليسكتوا حتى يسلم فيسلموا. ولم يعتبر أشهب ما ذكرنا من الاختلاف في عدد تكبير العيد ولم يراعه. بل رأى (١) أنه كالخطإ الذي لا يتبع الإِمام عليه.

وإذا ثبت ما قلناه في عدد التكبير المزيد فإن القراءة في ركعتي العيد بعد التكبير. وقال أبو حنيفة التكبير في الركعة الأولى قبل القراءة وفي الركعة الثانية بعد القراءة، ودليلنا ما روي عن عبد الله ابن عمرو بن العاصي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبّر يوم الفطر سبعًا في الأولى ثم قرأ ثم كبّر في الأخرى خمسًا ثم قرأ (٢). وأما أبو حنيفة فإنه يتعلق بحديث أبي موسى الأشعري وقد روي فيه: ووالى بين قراءتين. وأجيب عن هذا بأنه لم ينقل هذا اللفظ أحد من أهل الحديث. وقال بعض أصحاب أبي حنيفة لما كان لا بد في افتتاح الصلاة من إحرام أضيف إليه المزيد من التكبير ليقع التكبير متواليًا. والركعة الثانية بخلاف ذلك إذ لا تكبير في ابتدائها يوجب الموالاة. وكأن هذا يرى أن التكبير لقيام الثانية محسوب من الأولى لا من الثانية فلم تدع ضرورة إلى أن يقدّم التكبير على القراءة في الركعة الثانية. وهذا الاحتجاج إنما يصح له لو ثبت أن الأصل تأخير التكبير عن القراءة فيعتذر عن ذلك بما اعتذر في تقديمه في الركعة الأولى دون الثانية.

واختلف المذهب في رفع اليدين في التكبير المزيد. فقال مالك في المدونة يرفع في الأولى وروى مطرّف عن مالك أنه استحب رفع اليدين مع كل تكبيرة. وروى عنه علي وليس رفع اليدين فيهما مع كل تكبيرة سنة. ولا بأس على من فعله. وأحب إليّ في الأولى فقط.


(١) يرى -و-.
(٢) نصب الراية ج ٢ ص ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>