للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم واحد، فيبدأ بالخسوف لئلا تنجلي الشمس ثم بالعيد ثم بالجمعة. ويترك الاستسقاء ليوم آخر, لأن العيد يوم تجمّل ومباهاة. والاستسقاء ليس يوم تجمّل. وإنما هو رهبة وسكون فيؤخره. فلو فعل ذلك ما كان ضيقًا (١) في ذلك اليوم. هكذا صور هذا السؤال الشيخ أبو محمَّد عبد الحق ولم أزل أعجب من إغفاله فيه إذ لا يكون كسوف يوم عيد ولا يتفق ذلك. وإنما يكون كسوف الشمس في آخر الشهر وعند انسلاخه. فأما أصحاب علم الهيئة الذين لا يؤمنون بالشرائع فإنهم يحملون كون الكسوف في حين انسلاخ المشهور اجتماع الشمس والقمر. لأن علة كسوف الشمس عندهم ستر القمر لها عند اجتماعه معها. ولا يكون ذلك إلا في السرار. والعيد لا يكون إلا في أول يوم بعد الاستهلال أو في عشر بعده. فلا يجتمع العيد والكسوف. وأما نحن فنُجوّز أن يكسف الله سبحانه بالشمس في أي يوم شاء من أيام الشهر. ومن أنكر اقتدار الباري سبحانه على ذلك خرج عن الملة. ولكن العادة جرت بأن الكسوف لا يكون إلا عند السرار عادة مطردة لم نشاهد خلافها ولا نقل عن عصر من الأعصار خلاف هذا. وإن الكسوف (٢) بهذا، فلا معنى لتصوير خوارق العادة. ولقد وقع الشافعي على عظيم شأنه في هذا التصوير. ورأيته قد صور اجتماع العيد والكسوف وتكلم على ذلك. وذكرنا ما تقدم منه. وهذا لا معنى له إلا أن يراد به معرفة فقه المسئلة لو خرقت العادة. فوقعت المسئلة.

وأما الموضع الذي يصلي فيه فقال مالك في المختصر إذا خسفت الشمس خرج الإِمام إلى المسجد وخرج معه الناس فيدخل المسجد بغير أذان ولا إقامة ثم يكبر تكبيرة واحدة ويقرأ. وفي كتاب ابن حبيب للإمام أن يصلي في المسجد تحت سقفه أو في صحنه وإن شاء خارجًا في البَراز وقاله أصبغ. وهذا الذي حكاه ابن حبيب عن أصبغ حكى عنه ابن مزين خلافه فقال قال أصبغ: وتصلّى صلاة كسوف الشمس في المسجد ولا يبرز لها كما يبرز للعيدين والاستسقاء.


(١) ما كان طائعًا -قل-.
(٢) نبه الناسخ على أن النسخة بها نقص. وقد أتممنا النقص من -قل- إلى قوله ويأمرهم بالتقرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>