قد تدرك الناس نيامًا فيشق اغتفارها (١) والخروج لها فلم تسنّ كما سُنّ كسوف الشمس. واحتجت الشافعية بما روى الحسن البصري قال: خسف القمر وابن عباس بالبصرة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلّي بنا ركعتين في كل ركعة ركعتين. فلما فرغ ذلك وخطبنا وقال إنما صليت لأني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي. وأما الموضع الذي تصلّى فيه فطاهر المذهب أن الناس يصلونها في بيوتهم ولا يكلّفون الخروج ليلًا لمشقة ذلك عليهم. وقد قدمنا ما رواه على أن الناس يفزعون إلى الجامع فيصلون أفذاذًا.
وأما الجمع لها فقال مالك في المدونة والمجموعة لا يجمّعون. وأجاز أشهب الجمع. وأما الصلاة في غير كسوف النيّرين كالزلازل والظلمة والريح الشديدة وما في معنى ذلك مما يخاف أن يكون عقوبة من الله سبحانه. فقال أشهب في المجموعة الصلاة حسنة في الريح والظلمة فرادى أو جماعة إذا لم يجمعهم الإِمام ويحملهم عليه. ولكن يجتمع النفر يؤمهم أحدهم ويدعون ويؤمر في مثل هذه الإفزاع بالصلاة. وروي نحو ذلك عن النبي عليه السلام. وكره في المدونة السجود عند الزلازل وسجود الشكر. وروي عنه إجازة السجود عند النعمة والشكر. قال بعض أشياخي يتخرج على هذا جواز السجود عند الخوف من زلازل وغيرها يسجد هذا شكرًا وهذا خوفًا. وأما الصلاة حينئذ فتجوز قولًا واحدًا.
وقالت الشافعية لا تُسنّ الصلاة لغير الشكر والآيات بل يكبّرون ويدعون فان صلوا منفردين لكي لا يكونوا غافلين لم يكن به بأس.
وذهبت طائفة إلى أنه يصلي عند الزلازل وغيرها من الآيات كما تصلّى عند كسوف الشمس والقمر. وروي ذلك عن أحمد وإسحاق وأبي ثور.
وقال أبو حنيفة الصلاة في ذلك حسنة وكذلك في الريح والظلمة الشديدة.
فالدليل على أن الصلاة لا تسن حينئذ أنه لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلّى لشيء من ذلك ولم يَخلُ عصره - صلى الله عليه وسلم - من أن يكون فيه شيء من ذلك.