للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنت ترى إجازة العلماء غسل المرأة الصبي والرجل الصبية وإن لم يكن بينهما رحم. وما ذاك إلا للأمن من الشهوة. وقد نبه بعض أصحابنا كما ذكرناه، وهو يؤكد عندك ما اعتللنا به. وأنه مقصد المختلفين في ذلك.

ولو اقتصر على التيمم حيث ذكرنا الاقتصار عليه ثم وجدنا الغاسل فذكر سحنون في نساء يممن رجلًا إلى المرفقين وصفين عليه صفًا واحدًا أفذاذًا ثم جاء رجل قبل أن يدفن قال لا يغسل ولا يصلى عليه ثانية. وقد أجزنا ما فعل النساء في وقت يجوز لهن ذلك. ولو غُسل ودُفن بلا صلاة لم أرَ بذلك بأسًا

والأول أحبّ إليّ.

والجواب عن السؤال الخامس: أن يقال: أما المشرك إذا لم يكن له قريب مشرك يتولى أمره وله قريب من المسلمين فلا خفاء بأنه لا يصلي عليه لقول الله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} (١). وأما غسله إياه فمنعه مالك، وأجازه الشافعي. فأما مالك فإنه قاسه على الصلاة. فإذا كان لا يصلي عليه فلا يغسله. وأما الشافعي فإنه يرى أن المقصود من الصلاة الدعاء بالمغفرة والرحمة. وذلك لا يحصل للكافرين. فلا فائدة في طلب ما يعلم أنه لا يحصل. وأما الغسل فالمقصود منه التنظيف، وذلك يحصل. فلهذا فُعِل.

ويحتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عليًّا بأن يغسل أباه أبا طالب وأمره بدفنه. وكان مات كافرًا (٢). وقال مالك في ذمّي مات وليس معه أحد من أهل دينه أنه يوارى فإن له ذمة. وقال في المسلم يموت أبوه الكافر لا يغسله ولا يتبعه ولا يدفنه إلا أن يخشى أن يضيع فيواريه. قال أشهب ولا يستقبل به متعمدًا قبلة أحد.

وقال ربيعة في المدونة في كافر بين مسلمين يوارونه ولا يستقبلون به القبلة ولا قبلتهم. قال ابن القاسم وأشهب إن مات المسلم فلا يوكل إلى ابنه الكافر في شيء من أمره من غسل ولا غيره. قال أشهب: فأما مسيره معه ودعاؤه له فلا يمنع منه. قال مالك ولا يعزّى المسلم بأبيه الكافر لقوله تعالى: {مَا لَكُمْ


(١) سورة التوبة، الآية: ٨٤.
(٢) لم أجده.

<<  <  ج: ص:  >  >>