للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أباه (١). وأوصى سعد بن أبي وقاص أن يكفّن في جبة صوف شهد فيها بدرًا.

والعلماء يحبون البياض في الكفن والحَبَر مستحب لمن قوي عليه. ورُوي نحوه للنبي - صلى الله عليه وسلم - ورُوي أنه - صلى الله عليه وسلم - كفن في ثلاثة أثواب فقيل إنها بيض. وقيل إن أحدها حبرة. والمستحب في لون الكفن البياض. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: البسوا البياض وكفنوا فيه موتاكم فإنها من خير ثيابكم (٢). واختلف المذهب في المعصفر فكرهه في المدونة لأنه تغيير لون بما ليس بطيب. قال عنه ابن وهب: كره التكفين في الخزّ والمعصفر إلا أن لا يوجد غيره. قال عنه ابن القاسم في الرجل والمرأة قال عنه علي لا بأس بالمعصفر والمزعفر للرجال والنساء. وقد كُفن أبو بكر رضي الله عنه في ثوب مصبوغ أمرهم بغسله. فإما أن يكون أراد بغسله تطهيره أو ذهاب لونه.

وأما الكفن في الحرير فكرهه في المدونة في الأكفان. وظاهره أنه كرهه للرجال والنساء. وكأنه رأى، أنه وإن كان جائزًا للنساء حال الحياة، فإنه إنما جاز لموضع الزينة. وذلك المعنى معدوم حال الموت ويصير من ناحية السرف لأن مصيره إلى المهنة والصديد. وفي سماع ابن وهب قيل لمالك فالرجل الميت يكفن في الثوب فيه الحرير قال ما يعجبني فإن فعل فأرجو أن يكون في سعة. فكأنه أشارها هنا إلى خفة الكراهة للرجال حال الموت لمّا كانت العبادة ساقطة بالموت. وفرّق ابن حبيب بين الرجال والنساء. فأجازه للنساء خاصة.

ولا بأس أن تكفّن المرأة في الحرير والخزّ والمعصفر المفدم، (٣) وما جاز لها لبسه. وللرجل لبسه في الحياة، فالكفن له أولها فيه مباح ما لم يُرد بذلك السمعة والنفخ (٤) لأنه ليس في محل ذلك. قال ابن القاسم في العتبية تكفّن المرأة في الورس والزعفران. وكره مالك المعصفر إن وجد غيره. وأما العلم


(١) أخرجه البخاري ومسلم. فتح الباري ج ٩ ص ٤٠٣. وأخرجه أحمد والترمذي والنسائي والحاكم. فتح القدير ج ٢ ص ١٥٥.
(٢) رواه ابن ماجة وأحمد.
(٣) الثوب المصبوغ بالأحمر صبغًا مُشبعًا.
(٤) الكبر: لسان العرب ج ٣ ص ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>