للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحكام المياه؛ لأنه قال تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} (١) وهذا يتضمن أن ها هنا مغسولًا به فيجب بيان حكمه قبل بيان حكم الأعضاء المذكررة بعده.

وقد يختار بعضهم البداية بالكلام على النية، لأن كل ما يتصرف فيه المكلف في هذه العبادة عمل، ولا عمل إلا بنية، على حسب ما ورد به الخبر، فوجب أن يقدم ما من حقه أن يتقدم على كل عمل مفتقر إليه.

قال القاضي أبو محمَّد وهي ثلاثة أنواع: وضوء، وغسل، وبدل منهما عند تعذرهما، وهو التيمم.

قال الشيخ وفقه الله: يتعلق بهذا الفصل ستة أسئلة: منها أن يقال:

١ - ما الجنس؟.

٢ - وما النوع؟.

٣ - وما الوضوء؟.

٤ - وما أقسامه؟.

٥ - ولم بدأ بذكره وبيانه قبل الغسل؟.

٦ - وما وجه تسمية التيمم بدلًا؟.

فالجواب عن السؤال الأول: أن يقال: أما الجنس فقد حده أهل علم المنطق، بأنه اللفظ المقول على كثيرين مختلفين بالنوع. وهذا الحد قد أطبق عليه جميع الفلاسفة المتقدمين منهم والمتأخرين. وهو حد فاسد. لأن الجنس شيء غير اللفظ الدال عليه. وهذا الذي ذكروه إنما هو حد اللفظ الدال عليه.

فقولهم أنه حد للجنس بعينه خطأ. ألا تراهم يقولون قولنا حيوان جنس، وقولنا إنسان نوع، لأنه بعض الحيوان. ومعلوم أن الحيوان ليس هو اللفظة، التي هي قولنا حيوان. ووجه آخر يفسد به هذا الحد، وهو أنهم ذكروا أنه اللفظ المقول على المختلف بالنوع. والنوع لا يعلم عندهم حقيقته إلا بعد أن يعلم حقيقة الجنس. فقد بينوا الشيء بما هو مأخوذ منه، ومتفرع عنه، وكيف يصح أن يعلم الأصل من الفرع؟ هذا عكس الحقائق. والصواب في هذا أن يقال: أما الجنس فهو الشبه والمثل هذا أصله في اللغة. وأما العبارة الدالة عليه، فيمكن أن ترسم: بأنها القول الشامل لمسميات تتباين بالصفات اللازمة لها ألا ترى أن


(١) سورة المائدة، الآية: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>