للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:

ذكر في المدونة فيمن قال: ولّني الطعام الذي لك عليّ: ذلك جائز. وليس بتولية، وإنما هو إقالة، وإنما جاز تبديلها ها هنا بلفظ التولية لكون التولية رخصة معها، ومنعها بلفظ البيع لكون الحديث ورد بالمنع من بيع الطعام قبل قبضه، مع أن موضوع البيع المكايسة، والإقالة موضوعها المعروف. ولا ينتقض هذا بقوله في الكتاب: إذا قال له: خذ مثل رأس المال من الدنانير فاشتر به طعامًا. أن ذلك جائز لأنهما لو شاءا التقايل (١). لأنه لم يرد بهذا بيان العبارة الجائزة عنها وإنما أراد (٢) الفعل لا تهمة فيه.

والجواب عن السؤال الثالث أن يقال:

أما الإقالة فإنها إذا وقع تأخير التقابض فيها بشرطٍ فإنها باطلة. ومن حكمها التناجز، لأن الشرع ورد بمنع فسخ الدين في الدين، وهي إذا وقع تأخير التقابض فيها خرجت إلى معنى الدين بالدين، والشرع استثناها في الطعام رخصة، لما كان طريقها الإحسان والمعروف. فإذا دخلها التأخير انصرفت الأغراض إلى المكايسة والمناجزة في التأخير، فمنعت.

لكن لو وقع التأخير حكمًا مغلوبيْن عليه، فإنه قد ذكر في المدونة، في إقالة المريض: إذا أقال المريض من طعام أسلم فيه مائة درهم، وهو يساوي مائتين، ولا مال له غيره، فإن ورثته إن أجازوا إقالته مضت، وإن ردوها قطعوا للمسلم إليه بثلث ما عليه من الطعام، وأخذوا ثلثيه؛ وإن حمل الثلث جميع الطعام تمت وصيته. ولو كانت الإقالة لا محاباة فيها لمضت على الورثة.

فاعلم أن المريض غير ممنوع من البيع والشراء بالقيمة، لأن الورثة إنما يملكون الحجر عليه في مقدار ما في يديه سوى الثلث الذي جعل له صرفه


(١) جواب (لو) غير مذكور، ولعله: لفعلاه.
(٢) هكذا، ولعل الصواب: وإنما أراد "أنّ" الفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>