للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تختلف فيه لا على قيمته ولا على مثله، لما قدمناه من خروجها عن كونها إقالة إلى كونها مبايعة، وبيع الطعام قبل قبضه لا يجوز.

وأما إن كان رأس المال مما يكال أو يوزن، وهو لا يراد لعينه، ولا يعرف إذا غيب عليه، كالدنانير والدراهم، فإن الإقالة جائزة، لكون مثل الدنانير كأنه هو عين الدنانير التي كانت رأس المال. وأما أن كان ليس بدنانير ولا دراهم، كالحديد والرَّصاص والقطن والكتان، وغير ذلك من المكيلات والموزونات مما ينخرط في سلك هذا، فإن المذهب على قولين: اختلف في جواز الإقالة على هذا ابن القاسم وأشهب، فمنعه ابن القاسم وأجازه أشهب إذا كان المثل عنده حاضرًا.

فمن أجاز رأى أن المثل يسد مسد المثل، كالدينار الذي يسد مسد دينار آخر من سكتة. ومن منع رأى أن الأغراض ربما اختلفت في أعيانها، فوجب الخلاف فيها بالعروض التي تمنع الإقالة على أمثالها (هذا حكم يعتبر المعين عوضها) (١).

والجواب عن السؤال السادس أن يقال:

أما (نفس) (٢) رأس المال تقديرًا فإنه يكون على ضروب، أحدها: من أسلم ثوبين في قفيزين طعام، فأقاله من أحد الثوبين، وهما متكافئان، على إسقاط أحد القفيزين عنه، فإن ابن القاسم أجاز ذلك. وأشار سحنون إلى منعه والمناقضة فيه بقوله في المدونة: إذا اشترى ثوبين متكافئين فإنه لا يبيع أحدهما مرابحة بنصف رأس المال حتى يبين، لِجواز أن يكون غلط في التقويم، واعتقد أنهما متكافئان وليسا بذلك، إذا أقال من أحدهما فإنه قد يعلمان تقديره، فإن الذي ينوبه نصف الطعام، وإنما ينوبه في الحقيقة أقل أو أكثر، فيمنع من الإحالة لئلا يكون قد أحال على أكثر من رأس المال أو أقل، منع إذا كانت محسوسة، فكذلك إذا كانت مقدرة. وقد وقع في كتاب محمَّد، فيمن أسلم في أصناف من الثمر، فإنه يجوز أن يقيل من أحدها لما ينوبه. وكذلك وقع فيمن أسلم في قمح


(١) هكذا في النسختين.
(٢) كلمة ساقطة في ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>