وإن استثناها من عليه السلم واشترط بقاءها إلى الجداد، فإن ذلك أيضًا يمنع، لكون رأس المال الذي هو الشجر لم يسلّمه إلى من أسلم إليه، بل يتأخر قبضه له إلى جداد الثمرة، وتأخير رأس المال والإقالة ممنوع.
وإن وقعت الإقالة مطلقة فها هنا تنازع الأشياخ: فبعض أشياخي يرى جواز الإقالة لكون سلم الشجر المقيل عليها يطالب بجدّ ما بها من ثمر حتى يتمكن من تسليم رأس المال إلى ربه من غير تأخير، لكون التأخير يفسد الإقالة، والتعاقد إنما يحمل على ما يجوز في الشرع، وأيضًا فإن لفظ الإقالة يشعر برد رأس المال على ما كان عليه، ولا يمكن رده على ما كان عليه إلا بجد الثمرة في الحال.
ومن تقدم هؤلاء من الأشياخ يرى فساد الإقالة لكون بائع شجر فيها ثمر مؤبر من حقه أن يبقي الثمر إلى الجداد، وإن لم يشترط ذلك، وإذا كان من حقه هذا، في البيع وإن لم يشترطه، كان ذلك من حقه في الإقالة، وإذا كان ذلك من حقه في الإقالة فقد دخل على إقالة فيها تأخير رد رأس المال.
وينفصل من حكيت عنه من أشياخي عن جواز هذا بأن الأصل فيه أنه لا يمكن بائع الشجر من بقاء الثمر المؤبر فيه، لأنه إذا أزال الشجر من ملكه لم يملك أن يحمل له ثمرته، كمن باع مخزنًا له فيه قمح، فإنه ليس من حقه أن يتمادى على الخزن فيه، لكن جرت العادة في التبايع بإبقاء الثمرة إلى الجداد وإن لم يشترط ذلك أيضًا، ولم يجدْ هذه العادة في الإقالة فأبقيت على الأصل الذي قررناه، مع كون لفظة الإقالة تقتضي رد الشجرة فارغة كما أخذها.
هذا حكم الشجر إذا أسلمت ولا ثمر فيها فأثمرت عند قابضها ثم تقايلا فيها.
وأمّا إن كانت حين السلم، فيها ثمر، فإنه لا يجوز إسلامها في طعام، كان ثمرها مؤبرًا أو غير مؤبر. وإن كان على حال لا يصلح إلا لعلف، فإنه ينتقل إلى ما يكون قوتًا للإنسان وطعاما له، فيكون حينئذ قد أسلف طعامًا في طعام، ولم يقدر ما بالشجر من ثمر ملغىً لا حصة له من الثمر. وذهب ابن