للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السلم لم يتصور ها هنا سلف جر منفعة، إلا أن يشترط زيادة على الثوبين فيمنع ذلك، سواء وقعت الإقالة على كل السلم أو على بعضه، لأن هذه الزيادة إذا ردت مع مثلي الثوبين كانت عوض انتفاع بهما. وكذلك إذا كانت الإقالة على مثل أحدهما وعين الآخر، وانعقدت على بعض السلم، فإن الثوب المردود بعينه لم يقع عليه سلم، والثوب المردود مثله سلف، وعوض المنفعة ما بقي في ذمة المسلم إليه. ولو كانت الإقالة على عين أحدهما جازت عن كل السلم وعن بعضه، إذ ليس ها هنا رد مثلٍ يقدر سلفًا، ولا وجه آخر يمنع من ذلك.

وكذلك في الكتاب إذا باع عبدًا بمائة دينار إلى سنة فأقاله بخمسين دينارًا: إن ذلك جائز إذا أخرت الخمسون الأخرى إلى أجلها، وأما إن شرط تعجيلها فإنه يعلم مما قدمناه أن هذا ممنوع، وينقض هذا العقد، ويُرد بهذا العبدُ إن فات في يديه، أو قيمتُه وإن كانت أقل من الثمن، ولا يكون هذا كما قيل في بياعات الآجال: إن السلعة إذا فأتت فلا ترد قيمتها إن كانت أقل من الثمن؛ لأن بياعات الآجال البيعة الثانية إنما تعتبر لتعلقها بالأولى، وهذه المسألة لا تعلق البيعة الأولى بالثانية فلا يمنع، والله المستعان.

والجواب عن السؤال الحادي عشر أن يقال:

ذكر في المدونة أن من أقال من طعام أو عروض أو ولّى أو باع من ذلك دينًا على آخر، فإنه لا يجوز أن يؤخر ذلك ساعة، ولا يكون إلا يدًا بيد، لأنه إن تأخر صار دينًا بدين، وكذلك الصرف لا يحل أن يفترقا قبل القبض فكذلك هذا.

وهذا الكلام الذي وقع في المدونة اختلفت عبارة المتأخرين في معناه، فأمّا الشيخ أبو الحسن القابسي، رحمه الله، فإنه أشار إلى أنه لم يرد بهذا الكلام كون هذه العقود تجري على أسلوب واحد في التضمين (١) والتأخير، وإنما مراده أنه يجب ألا يتعدى حكم الصرف في التناجز. وجرى بعض الأشياخ على هذا المعنى الذي أشار الشيخ أبو الحسن لتأويله بهذا الكلام فقال: الصرف أضيق


(١) في (ش): في.

<<  <  ج: ص:  >  >>