الذمة، كان أضيق من تعاقد على أن ذمة المتعاقدين غير مشغولة به، على مذهب المدونة، وعلى ما في الموازية لا فرق بين كون الذمتين مشغولتين في عقد السلم أو كون إحداهما مشغولة بدين مستقر فيها، فوقع البيع بهذا الدين المستقر في الذمة، ولو عقد السلم بشرط تأخير رأس المال اليوم اليومين وقعت الإقالة من هذا العقد، فإن رأس المال تعجل، وليس من حق من عليه السلم أن يؤخره مثل الأيام التي اشترط من له السلم تأخيرها، لأن الإقالة حل للعقد الأول،
والمقصود بها إسقاط حق كل واحد من المتعاقدين فيما له من الحق في العقد المقال منه، وهذا يقتضي تعجيل ثمن الإقالة، ولا يجوز ها هنا اشتراط تأخيرها كما أجزناه في العقد المقال منه. ولا يعترض عن هذا بأنه إذا عجل رد رأس المال، وقد أخر عنه أيامًا، فإنه كالمقيل في اليومين رأس المال؛ لأنا إنما نعتبر رأس المال حين قبضه.
هذا حكم ما يجوز من اشتراط التأخير ويمنع.
وأما لو تأخر رأس المال بغير شرط فإن فيه ثلاثة أقوال: أحدها أن الإقالة تفسد. وقيل: إن الإقالة تصح. وأشار ابن المواز إلى شذوذ هذه الرواية عن مالك وأنه لم يقل بها أحد من أصحابه. وقيل: إنما تفسد بهذا التأخير إذا وقع ذلك من أهل العينة، وأما إذا وقع (من لا يضربه)(١) أنه قصد في أصل العقد إلى ذلك، فإن الإقالة لا تفسد. وأصل المذهب مبني على حماية الذريعة، ومقتضى هذا فساد الإقالة، واعتبار من يتهم ومن لا يتهم خلافُ قاعدة المذهب فيم ابن ي على الذرائع.
وذكر في المدونة إجازة الحوالة برأس المال على رجل آخر له عنده مثل رأس المال، أن هذا كالإقالة بعرض ورأس المال عين، لأن هذه الحوالة تقتضى على الحلول.
ولو أن من عليه السلم وكل وكيلًا ليدفع عنه رأس المال الذي أقيل عليه لجاز ذلك أيضًا، (ولكنه يجوز ومن له السلم من عليه السلم قبل أن يقبض من
(١) هكذا في جميع النسخ، ولعل الصواب: ممّن لا يظن به.