ورغب إلى صاحبه فيها، وكأنه استدل من عد أحدهما في الإقالة على أنه كالراضي بأخذها حيث هي، والمكان الذي وقعت فيه الإقالة القياسأل فيها صاحبه ورغب إليه فيها. ومال إلى هذا الشيخ أبو محمَّد بن أبي زيد وأبو الحسن بن القابسي، رحمهما الله؛ وقد قدمنا لك الاختلاف في الإقالة هل هي فسخ للبيع أو حل له أو ابتداء بيع؟.
فإن قلنا: إنها ابتداء بيع كان الأظهر أن النقل على من عادت إلى ملكه حكم (١) الإقالة لأنه كالمشتري السلعة يريد نقلها إلى مكان آخر، فإنه لا يلزم البائع أن ينقلها له، وإنما عليه تمكينها له وتسليمها له بحسب ما تقتضيه العادة في تسليم أمثالها.
وإن قلنا: إن الإقالة حل بيع، فها هنا يقع النظر فيها على من قبضها وصارت إليه بالبيع أن يردها إلى مكانها. فهذا موضع النظر ولو كانت سلعة بيعت بخيار لكان مشتريها بالخيار أن يردها إلى مكانها الذي أخذها منه واشترط فيه الخيار لمنفعة نفسه. ولو ردها بعيب وقد عقد البيع فيها بغير خيار فإن البائع إذا كان مدلسًا عليه بالعيب فإنه لا يلزم المشتريَ أجرةُ نقلها؛ لأنه لو لزمه ذلك لوجب على البائع أن يغرمه له؛ لأنه غره غررًا يؤدي إلى تلف ماله، لا سيما، أيضًا، إن قلنا: إن الرد بالعيب كابتداء بيع، فذلك آكد في أن لا يلزم المشتريَ أجرة النقل. وإذا كان البائع لم يدلس بهذا البيع فإن أجرة النقل إلى مكان القبض على المشتري، إلا أن يؤدي في ذلك ثمنًا يلحقه بأدائه ضرر، فيكون هذا مما يوجب له أخذ القيمة للعيب إن شاء على ما سيرد بيانه في كتاب البيوع إن شاء الله تعالى. وقد أشرناها هنا إلى الالتفات إلى النظر بالرد بالعيب، هل هو ابتداء بيع أو فسخ بيع؟ فتجري فيه على ما نبهناك عليه في الإقالة.