للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأس المال، لتصوّر قصدهما إلى سلف وزيادة: دفع إليه مائة دينار في طعام ثم أعطاه عند الأجل مائة وخمسين ليشتري له بها طعامًا، ويقبضه مما له عليه.

صورة الفعل يقتضي المنع. وإذا دفع إليه مثل رأس المال لم تتطرق التهمة ها هنا، وهي (كبيعه بعد) (١) لا يتهم فيها جميع الناس، لأن التهمة ها هنا إنما تتصور في أن يكونا قصدا إلى بيع الطعام قبل قبضه، لما دفعا أقل من رأس المال. وإذا دفع أكثر من رأس المال تطرقت التهمة إلى بيعة أجلٍ، وهي أن تكون المائة دينار المدفوعة عند عقد السلم المقبوض إلى أجل أعيد عوضها مائة وخمسين (٢)، وبيعة الأجل متهم فيها كسائر الناس عندنا. هكذا يرى بعض أشياخي أنهما لو تقايلا على مثل رأس المال سواء، ثم دفع إليه عوضه عرضا، فإنه يمنع عند ابن القاسم، لئلا يكونا تقايلا على هذا العرْض المدفوع، فيقعان في بيع الطعام قبل قبضه. ويجوز على أصل أشهب؛ لأن هذه التهمة في معاملة نقدية ومعاملة النقد لا يتهم فيها ما بين الناس. وهذا أيضًا مما ينظر فيه لأن العوض مما تختلف الأغراض فيه مع الطعام اختلافًا ظاهرًا، فيُتَّهمان على القصد إلى بيع الطعام قبل قبضه، وإذا دفع أفل من رأس الم الذي المقدار، فلا تختلف في هذا الأغراض اختلافًا ظاهرًا، مثل ما يختلف ما بين العرض والطعام.

ولو كانت هذه الوكالة ممن له السلم، بأن يقول لمن عليه السلم: بيع مالي عليك، وجئني بثمنه. فإن هذا لا يجوز، وإن جاءه برأس المال؛ لأن قصارى ما يتصور فيها من الوجه المباح أن يكونا تقايلا على رأس المال الذي جاءه، وهو إنما جاء به بعد افتراقهما، وبعد حين من زمان الوكالة، والإقالة لا يجوز فيها التأخير، والإقالة وإن كانت مباحة عرَض ها هنا ما أفسده (٣) فمنعت. بخلاف إذا كانت الوكالة ممن عليه السلم لمن له السلم بأن يشتري له بما أعطاه من رأس المال طعامًا، ويقضيه من نفسه. لأن هذه الإقالة إذا تصورت لم يقع فيها تأخير يفسدها.


(١) هكذا في النسختين.
(٢) هكذا، ولعل الصواب: مائة وخمسون.
(٣) هكذا، ولعل الصواب: أفسدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>