للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في البياعات، ولم يمكن في المواريث والهبات، افترق الحكم في ذلك. لكن ربما منع الوارث والموهوب من جهة أخرى، وهو كونه يحلّ محل من صار ذلك إليه من جهته.

فإذا ورث طعامًا أسلم فيه أبوه، ولم يقبضه فإن الوارث يمنع من بيعه قبل قبضه؛ لأنه إنما يورث المال على ما هو عليه، وقد كان هذا المال ممنوعٌ بيعه قبل قبضه على أبيه، فسرى هذا الحكم إلى الولد الوارث.

وكذلك من وهب طعامًا أسلم فيه أو تصدق به فإن الموهوب له هذا الطعام والمتصدق عليه يمنعان من بيعه قبل قبضه، لكون من كان ذلك الطعام له ممنوعًا من بيعه قبل قبضه. لكن ذكر مالك في كتاب ابن حبيب أن الصدقة والهبة أخف، وقدر أن يد الواهب قد زالت عن هذا الطعام بالهبة ولم يبق له به تعلق، ومن صار الطعام إليه ليس بمبتاع، فلم يتأكد عنده منعه من البيع. كما فيمن اقترض هذا الطعام لأن يد المقرض باقية على هذا الطعام حتى يصير لمن اقترضه، ولو هلك قبل أن يقبضه المقترض، أو لو قبضه المقرض ثم أراد (١) لم يكن على المقرض شيء ولا مطالبة به. (فأشعر ذلك بأن يد المقرض باقية عليه حتى يقبضه المقترض، فإن قبضه المقرض ثم أراد المقرض أن يبيعه قبل قبضه لمنع من ذلك) (٢)، لكونه بائعًا لطعام ملك أصله من بيع ولم يقبضه هو ولا وكيله، فلا يسوغ البيع له. ووقع في الموازية (٣) جاء هذا في قليل من كثير، ورأى أن القليل من هذا السلم لا يمنع مقرضه من بيعه قبل قبضه إذا كان أكثر لم يبعه حتى قبضه، لا سيما أن المقرض قد يتصور فيه أنه كالوكيل للمقترض على القبض، لأنه إنما يصير في ذمته بعد قبضه له وتمكنه منه، فصار في القبض كالنائب عن المقرض.

وقد ذكر في الموطأ بيع صكوك الجار، والمراد أنهم كانوا يكتب لهم


(١) هكذا في جميع النسخ.
(٢) ما بين القوسين هكذا في جميع النسخ.
(٣) فراغ بمقدار كلمة في جميع النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>