الرطب منه بالنضيج. فأما سبب الاختلاف في ثبوت الربا في الرمان، ففرضه، على ما تقدم من عبارات أصحابنا عن علة الربا في المطعومات الأربع المذكورة في الحديث. فمن علّل بالادخار للعيش غالبًا لم ير في الرمان ربا، لأنه لا يدخر للعيمثل غالبًا. ومن أثبت فيه الربا رآه مما يدخر للتفكّه ويكون أُدما، وقد قدمنا أن الأدم للقوت فحكمه حكمه. وكذلك يرى الخلاف في الخوخ وغيره مما ذكرنا الخلاف فيه، فإنه إذا عرض على ما قدمناه من التعليل ظهر فيه وجه الصواب. وربما كان سبب الخلاف منازعة في المختلف فيه هل هو ما يدخر أو لا يدخر؟ ولماذا يدخر، هل للدواء وما في معناه، أو للأكل، أو للعيش، والائتدام؟ فمن اعتقد فيه أحد الأمرين أعطاه حكم مقتضى ما اعتقد فيه. وأما اللوز فقد ذكرنا عن ابن المواز حكايته الخلاف فيه وتأويله لكراهة للتفاضل فيه، على أن المراد رطبه بيابسه. وهذا منه إشارة إلى أنه ليس من جنس ما يدخر للعيش والائتدام وتكون الكراهية محمولة على وجه آخر وهو بيع الرطب باليابس، وبيع الرطب باليابس إذا كانا هما للربا فلا يختلف عندنا في المنع من ذلك، كبيع الرطب بالتمر متماثلًا. وإن كانا مما لا ربا فيهما ففيه اختلاف في المذهب إذا لم يتبين فضل أحدهما على الآخر، هل يمنع لأجل ما يتصور فيه من المزابنة أو لا يمنع؟ فإذا كان الموز مما لا يدخر من المقتات، ولا هو من مصلحات الأقوات، على حسب ما قدمناه لم يكن فيه مطلب ابن المواز، لأجل أن هذا وجه آخر للكراهة فأخرجها عن هذا الباب إلى باب النهي عن المزابنة. هذه طريقة بعض الأشياخ، ومنهم من رأى أن الكراهية إنما وقعت لأجل أنه لا ينقطع شتاء ولا صيفًا فصار اتصال وجوده ودوامه على جهةٍ ما، ذَهَبَ كالادخار.
وهذا النهي الذي أشار إليه ليس هو حقيقة الادخار إنما هو الادخار في الذات الواحدة المعتبر حصول وصف الربا (بية لا فيها)(١) على جهة التعاقد
(١) هكذا في جميع النسخ، والمعنى حصول البقاء في الذات لا في الجنس.