ولكن المماثلة في المقدار لا يمكن فيما بين عجينين ودقيق وعجين. لكن يختلف المذهب في جواز بيع أحدهما بالآخر تحريًا. فيتحرى في العجينين أصل كل واحد منهما من دقيق، وما بين العجين والدقيق أصل العجين من دقيق. فمن رأى التحري لا يوثق به، وأن كثيرًا ما يقع الغلط فيه منع من ذلك لأن الشك في الوقوع في الربا بمعنى تحقق الوقوع فيه. ومن رأى أن التحري ها هنا يوثق به، والغلط فيه مما يندر، والضرورة تدعو إلى الرجوع إليه، أجاز التحري ها هنا.
وأمّا إذا كان المصنوع مسّته النار، فإن ذلك يكون بقلي القمح. فبيع القمح النبي بالمقلو رأى مالك أن فيه معمرًا (١) حتى يطحن وأجازه ابن القاسم.
وأما إن طحن المقلو حتى صار سويقًا فإن السويق يجوز التفاضل بينه وبين أصله وبينه وبين دقيق أصله. فسويق القمح يجوز التفاضل فيما بينه وبين القمح النبي وما بين دقيق القمح، لأن المنفعة فيه والغرض مخالف للقمح والدقيق والمنفعة مختلفة فوجب أيضًا أن يكونا جنسين بناء على ما تقدم تأصيله من اعتبار تشابه المنفعة والغرض أو اختلافهما.
والشافعي يمنع بيع السويق، ويرى أن ما صنع مما أصله الربا لا يجوز بيعه بأصله، ولا بيع المصنوعات منه بعضها ببعض، لاختلاف أجزاء الأصل فيها. وكذلك يمنع بيع الدقيق.
وأجازه أبو حنيفة في الخشونة والنعومة.
والحديدة بالسويق صنف واحد لتقارب المنفعة والغرض وقال الأبهري: حليل السويق. وأشار بعض أشياخي إلى إجراء هذا على ما كنا قدمناه من تخريج الخلاف في بيع السميد بالدقيق لكون السميد إذا طحن زاد مقداره إذا قيل على مقدار ما ساواه في الكيل من الدقيق، فكذلك الحديدة إذا طحنت زاد مقدارها على مقدار السويقال في كان مساويًا له في المقدار. وسويق كل حب