وأمّا السلق للحب من غير أن تمسه النار فلا يكون بذلك جنسًا مخالفًا للنيء، ولا يباع بالنيء، وإن تساويا في الكيل، لأنه ينقص الرطب إذا جف، ولا يباع مبلول بمبلول لاختلاف البلل، والشرع جاء بطلب المساواة في الحال، واعتبرها أيضًا في المآل، على ما سيرد بسط القول فيه في بيع الرطب بالتمر إن شاء الله عَزَّ وَجَلَّ، لا رب غيره ولا خير إلا من لدُنه.
والجواب عن السؤال الخامس أن يقال:
أما الأدهان المستخرجة من أنواع فيها الربا، فإن منها ما يختص باسم الزيت، ومنها ما يختص باسم النبيذ. ومنها ما يختص باسم النحل.
فأما الزيوت فأنواع كثيرة كزيت الزيتون أو حبّ الفجل أو حبّ القُرطم أو الجلجلان أو الخس، إلى غير ذلك مما يكثر تعداده. فما خرج منها من أصل واحد لم يحل فيه التفاضل كما لا يحل في أصله، كزيت الزيتون على اختلاف أنواعه وألوانه كما لا يحل التفاضل بين الزيتون بعضه ببعض، وإن اختلفت أنواعه.
واختلف قول الشافعي فروي عنه أن زيت الزيتون وزيت الفجل أصناف، كما قلناه؛ وروى عنه أنه صنف واحد.
وقد قدمنا أن ما يُصلح القوت أو يكون إداما للقوت فحكمه حكم القوت في تحريم الربا. وأكثر هذه الزيوت يؤتدم بها لكن زيت زريعة الكتان ذكر ابن القاسم أنه لا ربا فيه لأنه لا يؤكل. وذكر أشهب أنه لا يباع قبل أن يُستوفى؛ وهذا يقتضي عنده أنه مما يؤكل لأنه ما ليس بطعام لا يمنع من بيعه قبل قبضه في مذهبنا. وأشار بعض المصنفين في نقله لهذه الرواية عن أشهب إلى أن مقتضى مذهبه إثبات الربا فيه مما يشير إلى سياق نقله للروايات، وقول أشهب: لا يباع قبل أن يستوفى، لا يتضمن كونه مما يمنع فيه الربا، إلا على رواية ابن وهب التي قدمناها، من أنه لا يمنع من بيع الطعام قبل استيفائه إلا أن يكون مما فيه الربا.