للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الخلول فإنها صنف واحد عندنا، وأن اختلفت أصولها، كخل العنب أو التمر أو الزبيب، فلا يحل التفاضل إذا بيع بعضها ببعض، ويجوز بيعها مثلًا بمئل. ووافقت الشافعية على جواز بيع خل الكُشْنَة (١) بمثله كيلًا بكيل مثله.

ومنعت من ذلك في خل التمر بالتمر (٢) لكون خل التمر يصنع بالماء، فيختلف أحد التمر (٣) باختلاف قلة الماء وكثرته. والتفاضل في التمر حرام وكذلك التفاضل في الماء، على أحد القولين عندهم في إثبات الربا في الماء، وأما خل التمر بخل العنب فإنهما عندهم صنفان، كما أن أصوله صنفان. وأما خل العنب بخل الغريث (٤) فلا يباع أحدهما بالآخر: لكونهما تفرعا من أصل واحد، وكل ما فيه الربا فلا يجوز عندهم ما صنع بأصله، ولا المصنوعات بعضها ببعض، لاختلاف أجزاء الأصل.

وقد قال ابن القاسم في العتبية: إن النحل بالنبيذ صنف واحد لتقارب أمرهما؛ وأجرى النبيذ مع النحل مجرى الخلول، هذا مع أن النحل يطول أمره، ولهذا كان المشهور من المذهب جواز بيعه بالأصل الذي عمل منه، فيباع خل التمر بالتمر، ويباع خل العنب بالعنب، ولا يباع نبيذ العنب بالعنب ولا نبيذ التمر بالتمر. وقد قال بعض الأشياخ منتصرًا لما حكيناه عن أبي الفرج في كون الأنبذة أصنافًا بخلاف الخلول، وعنده إذا كان النبي لا يجوز بيعه بأصله لقرب عهده، فكان حكمه حكم أصله، فكما لا (٥) يجوز التفاضل بين العنب والتمر فيجوز التفاضل بين نبيذيهما. وقد ذكر في ثمانية أبي زيد: لا يجوز بيع خل التمر بالتمر، ولا خل العنب بالعنب. وأجرى ذلك مجرى نبيذ التمر، ولم يجعل الطول في الأزمنة يخرج النحل عن حكم أصله في منع بيعه به، بل يمنع


(١) انظر تاج العروس ٣٦/ ٥٣.
(٢) المعنى: خل التمر بخل التمر.
(٣) المعنى يقتضي: أحد الخلين.
(٤) كذا.
(٥) هكذا، ولعل الصواب حذف: لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>