للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفة اشتهرت عنه. تفقه على العلامة ابن بشر الهروي الشافعي. وقد صنف كتابًا في الأصول ... وترجمه ابن الصلاح في طبقات الشافعية (١).

لقد وهن السلاطين من بني بويه الخلفاء العباسيين واستبدوا بالحكم دونهم. وكان الخليفة يفوض إلى السلطان البويهي ما وراء بابه. وابتدأ أمرهم مع شباب دولتهم قويًا. ثم أخذ ينهار شيئًا فشيئًا إلى أن بلغ في نهاية حياة القاضي من الانحلال والضعف ما وصفه الذهبي بقوله:

والخليفة سنة ٤٢٢ القادر. وأما دست الوزارة فكان لجلال الدولة بغداد وواسط والبطائح وبعض السواد. وليس له من ذلك إلا الخطبة. فأما الأموال والأعمال فمنقسمة بين الأعراب والأكراد والأتراك مع ضعف ارتفاع الخراج.

والوزارة خالية من كبس "الرأس الكبير" والوقت هرج ومرج والناس بلا رأس.

وكانت دولة العبيديين يعلو شأنها وتتسع أرضها والشعوب التي تدين لها بالطاعة. وقد تولى أمرها رجال ذوو حزم ودهاء ومكر وحيلة انتقصوا أرض الخلافة العباسية من أطرافها. فكانت لهم شعوب إفريقية وما وراءها وجنوب مصر إلى السودان وامتدت شمالًا إلى الشام والجزيرة العربية ولقبوا أنفسهم بالخلفاء. وتعاقب على عرش الخلافة في حياة القاضي المعز ثم العزيز ثم الحاكم ثم الظاهر ثم المستنصر الذي امتد سلطانه إلى سنة ٤٨٧.

لست أقصد من هذا الإلماع التاريخي أن أدون لحقبة من حياة الأمة الإِسلامية من أسرعها تقلبًا وأكثرها فتنًا وأشدها اضطرابًا. حقبة تناولها المؤرخون. واختصر بعضهم الحديث عنها، وتبسط بعضهم. والذي أعتقده هو أنها ما تزال في حاجة إلى مزيد من التعمق في أوضاعها وأسبابها ومسبباتها.

وذلك لما كان لها من الأثر البعيد في صياغة القرون التالية. وحتى عصرنا هذا.

ولكني أردت أن ألقط من هذا الفضاء المكاني، والزماني، بعض المؤثرات في حياة القاضي أبي محمَّد حتى يتيسر على القارئ العود إلى العامل الذي تأثرت به حياته لتكون الصورة أجلى وأبين.


(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٤٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>