لم يستخرج كالمقصود، فيقتضي هذا البيع بيع الرطب باليابس، لأن الزبد كالرطب والسمن كاليابس.
وقد اختلف في بيع الحليب المضروب بالجبن، فمن أجازه رأى أنه مما لا يدخر، ولا مما يصنع منه ما يدخر، فلم يلحق بما فيه الربا. ومن كرهه رأى أنه قد يصنع منه الأقِط، وبيع الأقط بالجبن لا يجوز، فكذلك بيع الحليب المضروب بالجبن، لكونه يتأتى منه أقط، والأقط لا يجوز التفاضل بينه وبين الجبن، وأما الجبن بالأقط والسمن فإن هذه مدخرات، والتماثل في بيعها واجب، وهو لا يتأتى معرفته فيها فلا يباع بعضها ببعض.
وأما البيض فقد قدمنا أنه فيه الربا، في المذهب المشهور عندنا. وإذا أثبتنا فيه الربا، فكله صنف واحد. فبيض الدجاج والإوز وغيرهما نوع واحد، لا يحل بعضه ببعض متفاضلًا، وإنما يجوز بشرط التحري في المساواة، وأن يكون قدرًا واحدًا.
وإذا اقتضى هذا التحري مساواة بيضة واحدة ببيضتين قال ابن المواز: وذلك بعد أن يستثني صاحب بيض النعام قشره لأنه له ثمن، فإذا اشتمل عليه عقد صار كبيع عرض وطعام بطعام. وهذا الذي اشترطه ابن المواز لم يشترطه غيره، فيمكن أن يكون إنما أطلق الجواب لأنه لا يرى له ثمنًا مقصودًا، أو يراه من مصلحة هذا النوع، فأشبه النوى في التمر. وقد قدمنا الكلام عليه. وقد قال بعض الشافعية: لا يباع العسل بالعسل حتى يصفّيا من شمعهما، لئلا يتفاضل العسلان بعد تصفيتهما من شمعهما، ورأى أن الشمعين كعرضين بيعا معًا بعسلين، ولم يرهما كالنوى في التمر، لأن العسل إنما يدخر مصفّى غالبا، والتمر إنما يدخر بنواه. والله المستعان.
قال القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب رحمه الله.
والجنس الآخر مما يحرم التفاضل في عينه هو الذهب والفضة، على اختلاف صفتيهما، من تبر ومضروب ومهمل ومصوغ، فلا يجوز التفاضل في