وأما كون أحدهما من أهل العينة والآخر ليس من أهلها ففيه نظر، إذا كان الذي ليس من أهل العينة من ظهور الورع والدين بحيث لا يواطيء الآخر على فعل ما لا يحل. ولعل الذي وقع في المذهب في هذا المرادُ به من يشكل أمره ويلتبس حاله فتتسلط عليه التهمة من قبل الآخر.
وأما إن كانتا مؤجلتين جميعًا، فإن ذلك يتهم فيه سائر الناس لأن بياعات النقود يقل فيها الاضطرار إلى التحيل على ما لا يحل، وبياعات الآجال يكثر ذلك فيها لشدة الحاجة إلى شراء المبيع نسيئة لعدم الأثمان عند مشتريه. وكذلك إن كانت البيعة الأولى لأجل والثانية نقدًا فإن التهمة تتطرق فيها، وتحمى الذريعة عمومًا لما قدمناه ...
وأما إن كانت الأولى نقدًا والثانية إلى أجل فإن في ذلك اختلافًا في المذهب: فمن حمى الذريعة فيه عمومًا جعل الحكم للبيعة الثانية لحاجة الناس إلى الشراء نسيئة وشدة الضرورة إلى ذلك تسهّل التحيل على فعل الحرام. ومن لا يتهم الناس عمومًا جعل للثانية المؤجلة حكم الأولى التي هي بيعة نقد.
وقدمنا أن البيعتين إذا كانتا نقدًا فلا يتهم فيهما إلا أهل العينة.
فصل يشتمل على خمسمة أسئلة، منها أن يقال:
١ - ما مثال الزيادة في السلف المعتبرة ها هنا؟
٢ - وما مثال ما هو [في](١) حكم الزيادة؟
٣ - وما حكم التهمة على الصرف المستأخر؟
٤ - وما حكم التهمة فيما يقتضي التفاضل؟
٥ - وما حكم الممنوع من هذا إذا وقع؟
فالجواب عن السؤال الأول أن يقال: إذا باع رجل من رجل ثوبا أو عبدًا، أو غيرهما مما يعرف بعينه، بثمن من العين إلى أجل، ثم أراد أن يشتريه بائعه ممن اشتراه منه بثمن من جنس الثمن الذي باع فإنه لا يخلو أن يشتريه بمقدار ما