للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما تطهير داخل الأنف فإنه سنة. وصفته: أن يجذب الماء بخياشيمه (١) وهو الاستنشاق. ويستحب له المبالغة فيه إلا في الصوم.

وأما غسل البياض الذي بين الصدغ والأذن فسنة. ويستوفي جميعه بالغسل.

قال الإِمام رضي الله عنه: يتعلق بهذا الفصل ثلاثة أسئلة. منها أن يقال:

١ - ما وجه القول بأن المضمضة والاستنشاق سنتان؟.

٢ - وما المختار في صفة غسلهما؟.

٣ - ولم جعل غسل البياض الذي بين الصدغ والأذن سنة؟.

فالجواب عن السؤال الأول: أن يقال: اختلف الناس في المضمضة والاستنشاق في الوضوء. فمن الناس من أوجبهما، لأنه رآهما من الوجه. وقد أمر الله تعالى بغسل الوجه. وهما جزءان منه، فوجب أن يغسلا معه. ومن الناس من لم يوجبهما، لأن المواجهة لا تقع بهما. وإذ لم تقع بهما لم يكونا من الوجه، وإذا لم يكونا منه لم يجب غسلهما لقوله عليه السلام: "توضأ كما أمرك الله". وليس هما مذكوران فيما أمر الله به في القرآن.

ومن الناس من أوجب الاستنشاق دون المضمضة لأن باطن الأنف يواجه دائمًا بخلاف باطن الفم. ومن أسقط وجوبهما وهو مذهب أصحابنا، فإن غسلهما عنده سنة. وهو المشهور من مذهبنا لأنه عليه السلام واظب على غسلهما ومضى العمل بذلك من المسلمين. وهذا يدل على تأكدها (٢) فألحقا بالسنن. وذهب بعض أصحابنا إلى أن غسلهما فضيلة وهذا راجع إلى اختلاف في عبارة. لأنا قدمنا حقيقة السنة والفضيلة. وأخبرنا أن اختلاف هاتين التسميتين راجع إلى اختلاف الأجور. لا سيما والذي ذهب من أصحابنا إلى أن غسلهما فضيلة، أخبر أن السنن عنده، هي التي يمنع تركها من أن يعتد (٣)


(١) إلى خياشيمه -الغاني.
(٢) أي السنية.
(٣) يتعبد في -ح-.

<<  <  ج: ص:  >  >>