لم يبع. فإذا علم هذا، واحد العبدين الّذي (١) بيع ثمّ ارتجع بالشّراء كأنّه لم يعقد عليه بيْع، بل هو باق على ملك بائعه الأوّل لم يخرج من يده، وإنّما خرج من يده العبد الباقي بيد المشتري الّذي لم يرتجعه بالشَّراء وخمسون دينارًا، ويأخذ عوض ذلك إذا حلّ الأجل مائة دينار. فخمسون منها قضاء عن الخمسين الّتي خرجت من يد البائع، وخمسون منها ثمن العبد الباقي بيد المشتري الّذي لم يرتجع منه. صار هذا محصول أمرهما. فقد تصوّر فيه صورة البيع والسلف لأنّ العبد الباقي فرضنا أنّه مبيع بخمسين تؤخذ عند الأجل، وقارن ذلك خمسون دينارًا أسلفها البائع نقدًا، ثمّ تعود إليه إذا حلّ الأجل. وهما لو صرّحا حين العقد، بأنّه يبيع منه عبدًا بخمسين دينارًا على أن يسلفه خمسين، لمنع ذلك باتّفاق. فإذا ظنّ بهما أنّ هذا قصدهما، وإن لم يصرّحا به، جعل حكمه حكم ما صرّح به من البيع والسلف. لكنّه أغلى فيما ذكره في المدوّنة في هذا التّمثيل لما قال: إنّه اشترى العبد بتسعة وتسعين نقدًا، أو اشتراه بدينار نقدًا، لأجل أنّ هذا التعليل في السلف أو الثّمن تبعد فيه التّهمة، ولا يشبه أن يبيع أحد العبدين بدينار ويسلفه تسعة وتسعين، فإنّ في هذا غبنًا ظاهرًا. وكذلك لا يشبه أن يبيع العبد الّذي أبقاه في ملك المشتري بتسعة وتسعين على أن يسلف المشتري دينارًا واحدًا. لكنّ هذا التّمثيل بهذه المبالغة يصحّ على أصل أشهب المانع من شراء ثوب باعه بأربعين درهمًا إلى أجل ثمّ اشتراه بعشرين دينارًا نقدًا. وإن كانت التّهمة على الصّرف المستأخر في هذا بعيدة. وابن القاسم أجاز هذا، فينبغي على أصله أن يجيز ما ذكرناه من التّمثيل الّذي بالغ فيه في مسئلة العبدين. إلَاّ أن يرى أنّ البيع والسلف يتكرّر القصد إليه والتحيّل عليه بخلاف الصرف المستأخر. فإذا تقرّر منع هذه المسئلة لما تصوّر فيها من صورة البيع والسلف، فإنّ المتعاقدين لو اعترفا أنّهما قصدا ما ظنناه بهما من البيع والسلف لجَرَى مجرى الحكم في هذه المسئلة على حكم من باع بشرط أن يسلف أو يسلف.
لكنّهما ها هنا إذا أنكرا قصدهما لما ظنّ بهما من التحيّل على ما لا يجوز، فإنّ