الّذي يُسنَد هذا الاعتبار هو العشرة دنانير كلّها لاعترافهما أنّها جملة الثّمن فيؤخذان باعترافهما, ولا يجعل الثّمن تسعة كما قرّرنا ذلك لما علّلنا البيع بمنع البيع والسلف، لأجل أنّا إنّما قرّرنا ثمن الحمار تسعة ليصحّ كون الدّينار سلفًا احتياطًا لحقّ الباري سبحانه. فهو من ناحية الاحتياط لحقّ الله سبحانه لكون الثّمن تسعة، ومن ناحية حقّهما في زيادة القيم أو نقصانها لكون الثّمن عشرة على حسب ما يقولان: إذا (١) تعاقدنا عليه.
وقد ذكر مالك تعليلًا آخر للمنع خارجًا عمّا كنّا قدّمناه. وذلك أنّه قال: هذا بيع ذهب وسلعة بسلعة وذهب نسيئة. وكأنّه رأى أنّ مشتري الحمار باعه ودينارًا معه بعشرة دنانير نسيئة، وهذا ممنوع. وهذه العلّة توجب اعتبار القيمة مطلقة من غير تقييد كالحكم في مسائل الرّبا. فإذا تقرّر هذا، فلنفرّع عليه أنواع ما يزيده المشتري والبائع. وقد ذكرنا حكم زيادة دينار في جملة الثّمن، وما قيل فيه من التّعليل.
فإن كانت الزّيادة الّتي زادها المشتري ورِقًا، فإنّ ذلك لا يجوز في المشهور من المذهب, لأنّ صرف ما في الذّمّة من دنانير مؤجّلة ممنوع, لأنّا نقدّر أنّ الدّنانير المبيعة بالدّراهم إذا لم يحلّ أجلها، فكأنّه إنّما عجّل دنانير ليست هي الّتي عليه، وإنّما عجّلها سلفًا ليقبضها من نفسه إذا حلّ الأجل، فالمصارفة على هذا إنّما وقعت عن دنانير لم يجب قبضها الآن، وإنّما تجب إلى أجل. وقد كنّا قدّمنا ذكر الخلاف في هذا، وأنّ من أجاز صرف ما في الذّمّة من الدّنانير المؤجّلة، فإنّه قدّر المؤجّل منها كالحالّ، وأنّ القصد بالتّعجيل براءةٌ لا السلف الّذي يقبض من نفسه إذا حلّ الأجل، وأشرنا ها هنا أيضًا في أحد تعاليل هذه المسئلة إلى هذه الطّريقة. لكن لو كان المعجّل ها هنا الدّرهم والدّرهمان، لاعتبر في ذلك خلاف آخر قدّمنا ذكره في كتاب الصرف، وهو بيع سلعة معها درهم أو درهمان بدينار إلى أجل. وأمّا إن زاد المشتري عرضًا، فإن ذلك