للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال له: فرقٌ بين حكم هذا السؤال وسؤال من باع على أنّه متى أعاد الثّمن ارتجع المبيع، مع كونهما يجتمعان في أنّهما بيعان عقدا إلى غاية ينحل البيع عندها بأن يعيد هذا الثّمن أو يتأخّر هذا عن دفع هذا الثّمن. فيقال: أمّا بعض أشياخي، فيشير إلى أن لا فرق بينهما. ويُجري الاختلاف فيهما (من بعضهما بعضًا) (١). ويرى أنّ الشّروط الفاسدة إذا قارنت البيع يُختلف فيها، هل يمضي البيع ويسقط الشّرط، أو يفسخ البيع وشرطه، أو يخيّر من له الشّرط في إسقاط شرطه، فيمضي البيع، أو يتمسّك به، فيردّ البيع.

وقد اختلف في هذه المسئلة أيضًا، فقيل: البيع فاسد. وقيل: هو كبيع الخيار يعتبر فيه الأمد، إلى غير ذلك مِمّا سنبسطه إذا أفردنا هذه المسئلة بالكلام عليها في كتاب البيوع الفاسدة، إن شاء الله تعالى.

وقال قوم من الأشياخ: بينهما فرقان، وذلك أن من باع على أنّه متى أعاد الثّمن ارتجع المبيع، الملك ثابت له قبل البيع ثبوتًا مستقرًّا لا شكّ فيه. وهذا البيع الّذي عقد لم يخرج الملك من يده خروجًا محقّقًا لمّا صرَف حلّه إلى مشيئته، فمتى شاء حلّ هذا البيع، بأن يردّ الثمن، فصحّ أن يتسلّط الفسخ على هذا الملك الّذي انتقل على هذه الصفة. والّذي باع بشرط إن لم يأت المشتري بالثّمن انحلّ البيع، قد خرج من يده ملكه خروجًا لا قدرة له على استرجاعه، وإنّما جعل حلّ عقده وردّ المبيع إلى ملك بائعه إذا شاء أن يتأخّر بالثّمن.

فكأنّه كبيع خيار العقد في أحد الجهتين، فبقي محلولًا في الجهة الأخرى.

ولهذا قال بعض أصحاب مالك، رضي الله عنه إنّ هذا يجري مجرى بيع الخيار، ويعتبر في فساده وصحّته مقدار الأجل المضروب فيه. ويؤكّد هذا الفرق عند هؤلاء ما فرّق به مالك بين من جعل أمر زوجته بيدها إن تزوّج عليها، أو فعل فعلًا إيقاعه أو تركه بيده، فإنّ ذلك لا يفسد النّكاح ولا يؤثّر ضعفًا في ملكه للفرج حتّى يمنعه الوطءَ، بخلاف أن يجعل


(١) هكذا في النسختين.

<<  <  ج: ص:  >  >>