للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدّينين، هل يتساويان، أو يختلفان؟ وسببهما وأجلهما؟ فاعتبار الجنسين بأن ينظر في الدنانير (١) إذا كانا طعامين، هل هما من صنف واحد كقمح سمراء وقعت المقاصّة به عن قمح سمراء، وسبب الدّينين مثل أن يكون الطّعامان جميعًا سلمين أو قرضين، أو أحدهما سلمًا والآخر قرضًا، وأجلهما يعتبر، هل يكون متّفقًا أو مختلفًا أو حلّ أو لم يحلّ، أو حلّ أحدهما؟ وهكذا يجري التّمثيل فيما سوى الطّعامين.

والجواب عن السؤال الثّاني أن يقال: الأصناف الّتي تقع المقاصّة بها: طعامان أو عرضان أو عينان. وكل واحد من هذه الأنواع ينقسم إلى ما تقدّم من اعتبار الجنسيّة والسببيّة والأجلية (٢). ونحن نتكلّم على كلّ فصل من هذه الأنواع.

والجواب عن السؤال الثّالث أن يقال: إذا كان لرجل على رجل طعام، وللآخر عليه طعام، فلا يخلو أن يكون الطّعامان متماثلين في الجنس والصفات، أو مختلفين. ويكون أيضًا سببهما وأجلهما متماثلًا أو مختلفًا. فإن تماثل الطّعامان في الجنس والصفة، فلا يخلو أن يكونا سلمين أو قرضين أو أحدهما سلمًا والآخر قرضًا.

فإن كانا سلمين واختلفت رؤوس أموالهما بالجنسيّة أو بالقلّة والكثرة، منعت المقاصّة على الإطلاق. وإن تساوى رأس المال فيهما في الجنس والمقدار، فهاهنا قولان: منع ذلك في المدوّنة، وأجازه أشهب.

وينبغي أن نقدّم لك ها هنا مقدّمة منها تعلم سبب الاختلاف في هذا الباب وسبب الوفاق. فاعلم أنّ هذه المقاصة وإن كان ظاهرها الجواز، فربّما أوقعت في محرّم. والجائز إذا أوقع في محرّم منع. والمحرّم ها هنا بيع الطّعام قبل قبضه، وبيع الطّعام بالطّعام نسيئة، والدّين بالدّين. فإذا كان لهذا على هذا طعام


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: الدينين.
(٢) في الوطنية: المحلية، وهما بمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>