كاللّغو، والقضاء إنّما تصوّر حين الاقتراض الثّاني. فكأن من اقترض أولًا سبعين دينارًا، ثمّ اقترضه من له ذلك عليه مائة دينار، فإنّ ذلك كالقضاء عن القرض بزيادة عدد فيه، وذلك ممنوع. وظاهر نقل أهل المذهب اعتبار الزّيادة في العدد حين المقاصّة من غير التفات إلى زمن أحد القرضين.
والجواب عن السؤال الخامس أن يقال: إذا كان لرجل على رجل دنانير، وللآخر عليه مثلها في السكّة والجودة والوزن، فإنّ المقاصّة بينهما جائزة على الإطلاق، في المشهور من المذهب، من غير التفات إلى اختلاف أسباب الدّين ولاختلاف (١) الآجال، لما قدّمناه في القرضين من كون اتّفاقهما في الجنسيّة والصفة توجب ألاّ يلتفت إلى الاختلاف في الآجال. فإن اتّفقت، فإنّه سئل عن ذلك فقال: هاه، إشارة إلى ترخيص في هذا مع تردّد فيه.
وهذا الخلاف الّذي ذكرناه عن ابن نافع وعن رواة أشهب أجراه بعض أشياخي في المقاصّة بالقرضين إذا اتّفقا. وأمّا إن كان العينان مختلفي الجنس كدنانير على رجل، وله على الآخر دراهم، فإنّ المقاصّة لا تجوز إلاّ بشرط أن يحلاّ على حسب ما ذكره القاضي عبد الوهاب ها هنا فيما نقلناه عنه وبسطناه هذا البسط. وأشار من لقيته من الأشياخ وبعض من تقدّمهم من أشياخهم على أنّ جميع ما قدّمناه فيما منعناه من المقاصّة في سائر هذه الأقسام، يتخرّج جوازه على القول بأنّ ما في الذّمم حكمه، كحكم المقاصّة، حكمُ ما حلّ. لأنّ القصد على هذه الطّريقة بالمقاصّة المتاركة والمباراة من الطّلب لا التّعاوض من دين بدين حتّى ينظر في ذلك إلى ما يحلّ ويحرم من الوجوه الّتي قدّمناها. وإذا كان هذا هو القصد بالمقاصّة وخرجت عن حكم المعاوضة على هذا المذهب، لم يمنع منها إلاّ ما يمنع من المقاصّة بدينين حلاّ جميعًا لوجه يقتضي المنع من ذلك مع حلول الدّينين جميعًا. وأنت ينبغي أن تجري ما قدّمناه من التّنبيه لك في المقاصّة بالعروض من اعتبار الوقوع في ضع وتعجّل، أو الزّيادة في عدد