للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنّه انعقد على الفساد، ودخل المشتري على قبول هذا الشّرط، وإنّما يرتفع هذا القبول وحكم الفساد إذا انثنى رأي البائع عمّا عقد عليه واشترطه وأسقط هذا الشّرط. وهذه الطّريقة تنظر إلى ما كنّا أشرنا إليه من اختلاف الأشياخ في جواز النّقد في شراء عبد على أن يعتقه مشتريه وأنّ من منع من ذلك رآه كبيع الخيار، ومن أجاز ذلك فرّق بينه وبين بيع الخيار بأنّ المشتري لمّا قبل البيع بشرط أن يعتق، صار العقد وقع على قبول العتق، فلم يرتفع حكمه حتّى ينثني رأي المشتري عمّا دخل عليه وأظهر قبوله من البائع، بخلاف بيع الخيار الّذي هو من أصله على الوقف.

وعلى هذا الأسلوب يجري الأمر في القيمة الواجبة في هذا البيع وما في معناه، فقيل: إنّ القيمة فيه تفتقر فيها أن (١) لا تكون أكثر من الثّمن الّذي تعاقدا عليه، ولا تكون أقلّ منه، بل يقضي بالقيمة مطلقة بالغة ما بلغت. فأمّا من قضى بها مطلقة، فإنّه يتّضح ما قاله على مذهب من رأى فسخ البيع ولو أسقط، وأمّا على مذهب من يرى إمضاءه إذا أسقط الشّرط فإنّه يحسن عنده أن يجري الحكم مع الفوت كما يجريه مع قيام المبيع. فلمّا كان له أن يسقط الشّرط مع قيام السلعة، فيصحّ البيع ويجب الثّمن الّذي تعاقدا عليه. فإذا قصرت القيمة

عنه، لم يكن للمشتري مقال في أن يقبل منه القيمة بصحّة البيع، فكذلك مع الفوت. وإن كانت القيمة أكثر من الثّمن، كان من حقّ البائع أن يقول: لا أسقط الشّرط، فينحتم فساد البيع، وردّ عين السلعة، مع أنّها لم تفت، فكذلك إذا فاتت إذا وقع الفوت بما شرط البائع إيقاعه، مثل أن يبيع عبده على أن يدبّره مشتريه، فإنّ المذهب اختلف في ذلك، فقيل: يمضي التّدبير لحق الله سبحانه في إمضائه، والمنِع من الرّجوع عنه وإبطالِه، ولا يكون للبائع رجوع بما حطّ لأجل هذا الشّرط. وإن كانت المعاوضة على هذا لا يجوز لكون المشتري قد سلّم وفعل ما وقعت المعاوضة عنه، فيجب أن يستحقّ العوض عن ذلك،


(١) هكذا في النسختين. ولعل حذفها يكون الكلام معه أوضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>