للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاتترك الحزم في شيء تحاذره ... فإن سلمت فما في الحزم من بأس

العجز ذل وما بالحزم من ضرر ... وأحزم الحزم سوء الظن بالناس

ويزيده مهابة وجلالًا ورع الصالحين.

ذكر القاضي عياض قال: حدثت عن بعض الأندلسيين أنه قال: دخلت بمصر حمامًا. فاجتمعت فيه بالقاضي أبي محمَّد. وعندي آنية بطفل مطيب، فقصدت إليه وسألته، واستعملته فتناوله واشتمه. وسألني من أين هو لك؟ قلت: اشتريت خادمًا. وكان هذا في أسبابها. فقال لي: اشترطت مالها؟ قلت: لا. قال: خذه إليك فلا حاجة لي به (١).

شيوخه

إن من يخالط آثار القاضي أبي محمَّد عبد الوهاب يجد فقيهًا أديبًا شاعرًا أصوليًا جدليًا. وهو في جدله يستمد من كتاب الله حجته، ومن بحر السنة النبوية المطهرة أدلته، بما يسند به مذهب ويقمع به مخالفه. وفي القياس تظهر براعته وعمق نظره وتقريبه بين النظائر من مختلف أبواب الفقه الذي غدا له ملكة راسخة يتصرف فيها ويقرن بين النظير ونظيره على ما بينهما من بعد. فقضايا النكاح تساعده في أحكام البيوع والتبرعات مثلًا وهكذا.

ولكن عندما ننظر في قائمة شيوخه لا نجد ذكرًا لمن أخذ عنهم اللغة والأدب مثلًا. والذين تخرج على أيديهم لم يعين منهم إلا القليل. سئل القاضي بمن تفقهت قال صحبت الأبهري. وتفقهت مع أبي الحسن القصار وأبي القاسم بن الجلاب والذي فتح أفواهنا وجعلنا نتكلم أبو بكر بن الطيب (٢).

إن هذا الكلام سواء أثبت عن القاضي أبي محمَّد أنه قاله أم قيل على لسانه، هي تعبير دقيق يصور من تأثر به من شيوخه وعمل على صياغة جوهر تلكم المو اهب الرفيعة.


(١) المدارك ج ٧ ص ٢٢٥.
(٢) الد يباج ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>