وممّا يلحق ببياعات الشّروط من باع أمة لها ولد حرّ رضيع، وشرط البائع على مشتريها رضاع الولد. فإنّه قد أجاز في المدوّنة هذا البيع إذا وقع بشرط أنّ الولد إذا مات، كان على المشتري رضاع غيره. ولم يجز ذلك سحنون إلاّ أن تدعو إلى الوقوع فيه ضرورة، كوجوب بيع الأمة على سيّدها إذا فلس، فإنّ حكم الفلس يقتضي ألاّ يمطل الغرماء بحقوقهم، وفي مطلهم بهذا ضرر عليهم، قد خصّ في هذا لأجل الضّرورة إليه الّتي اقتضاها حكم الفلس.
واعلم أنّا كنّا قدّمنا أنّ البيع بشرط التّحجير ممنوع. وذكرنا في أمثلة ذلك من باع بشرط أن لا يبيع المشتري ولا يهب. وهذه المسئلة الّتي شرط فيها الرّضاع تضمّنت ضربًا من التّحجير، وهو أنّ مشتريها لا يمكنه التّصرّف بالبيع المطلق فيها، والسفر بها منفردة دون ولدها, لأجل ما شرط عليه من الرّضاع، ولحقّ الولد في المنع من التّفرقة فيه بينه وبين أمّه، والمشتري إن نقله معها، تكلّف في ذلك مشقّة وخسارة. فهذا المعنى من التّحجير يوجب منع البيع، ولهذا منع منه سحنون. لكن إذا دعت إليه ضرورة، كما قدّمناه، قدّم اعتبار الضّرورة على اعتبار هذا التّحجير، مع كون المشتري قادرًا على أن يبيع هذه الأمة، واشترط (١) على مشتريها مثل ما اشتُرِط عليه، فلم يتصوّر التّحجير في البيع تحجيرًا مطلقًا.
وكأَنّ من ذهب إلى الجواز رأى أن لا تحجير في هذا يوجب المنع من البيع، لكون البائع للأمة لمّا أعتق ولدها الصغير, كان عليه القيام بأوده حتّى يبلغ القدرة على السعي على نفسه. فإذا أراد بيع الأمّ، أضاف إلى ثمنها أن يقوم المشتري عنه بمثل ما وجب عليه. وهكذا المشتري إذا أراد أن يبيع من آخر، اشترط أيضًا ما اشترط عليه. واشتراط هذا الّذي وجب على البائع من القيام بالأود والرّضاع قد يقع محالًا على الذّمّة، بأن يشترط البائع على المشتري رضاع أمة غير معيّنة لولد غير معيّن، فيجوز ذلك، ويجري مجرى السلم. أو