للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روي عن مالك فيمن تناوم فلم ينم، أنه يعيد الوضوء بناء على الطريقة الأولى في الرفض. لأن هذا لما تناوم مع علمه أن النوم ينقض الوضوء صار كالرافض لوضوئه. وهذا بعيد لأن النوم الذي يعتقد أنه يبطل وضوءه لم يحصل. ويلزم عليه (١) أن من قصد الجماع ثم لم يفعل أن يعيد غسله وهذا كالمستنكر عند أهل الشرع.

قال القاضي رحمه الله: وأما أسباب الأحداث فهي ما أن إلى خروج الأحداث غالبًا وذلك نوعان: (٢) زوال العقل بالنوم والسكر والجنون والإغماء. فأما النوم المستثقل فيجب منه الوضوء على أي حال كان النائم من اضطجاع، أو سجود، أو جلوس، أو غير ذلك. وما دون الاستثقال، يجب منه الوضوء في الاضطجاع والسجود ولا يجب في الجلوس. وأما السكر والجنون والإغماء فيجب الوضوء بقليله وكثيره.

قال الإِمام رضي الله عنه: يتعلق بهذا الفصل أربعة أسئلة منها أن يقال:

١ - هل النوم حدث ينقض الوضوء على الإطلاق؟. أو هو سبب حدث (٣) لا ينقضه حتى يكون على صفة؟

٢ - وما هذه الصفة؟.

٣ - ولِمَ لم تراع هذه الصفة في الإغماء كما روعيت في النوم؟.

٤ - ولِمَ فرّق بين نوم الجالس والساجد؟.

فالجواب عن السؤال الأول: أن يقال: اختلف الناس في النوم فذهبت طائفة إلى أنه لا ينقض الوضوء أصلًا إلا أن يتيقن خروج الحدث، فيكون التأثير للحدث لا للنوم. ذهب إلى ذلك أبو موسى رضي الله عنه وغيره. وذهبت طائفة إلى أنه حدث ينقض الوضوء على الإطلاق. وذكر ذلك عن ابن القاسم. وذهب الجمهور من أصحابنا وغيرهم إلى أنه ليس بحدث. ولكنه سبب الحدث


(١) على هذا -ح-.
(٢) أحدهما -الغاني-.
(٣) للحديث -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>