للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل. فإن قيل لعله غمزها من فوق الثوب الكثيف. وهذا لا ينقض الوضوء (١) عندكم. قيل الظاهر خلاف هذا، لأنه لو كان لذكرته. ولو سلمنا احتمال هذا القصد (٢) لعضدنا ما قلناه بالقياس. فقلنا قد قدمنا أن اللمس إنما ينقض الوضوء لكونه سببًا للحديث الذي هو المذي. ومعلوم أنه لا يكون سببًا لذلك إلا إذا حصل مع اللذة. فإذا حصل دونها لم يكن سببًا في ذلك، فوجب أن يتنوع نوعين كما تنوع النوم نوعين. فكان الثقيل منه ينقض الوضوء لكونه سببًا في الحدث، بخلاف الخفيف كما قدمنا. وإذا ثبت أن اللمس لا ينقض الوضوء (٣) بمجرده دون اعتبار صفة. فما هذه الصفة؟ أما مالك فإنه ذهب إلى أنها اللذة. وأما أبو حنيفة فإنه ذهب إلى أنها الانتشار. ومذهبنا أصح لأنه إنما حرم بذكر الانتشار للذة فكان التصريح باعتبارها أولى (٤).

والجواب عن السؤال الرابع: أن يقال: إنما أكد في ذكر اللمس بقوله قليلًا كان أو كثيرًا، لأنه ذكره متصلًا بذكر النوم. وقد اشتركا جميعًا في أنهما سببان للحديث، وليسا يحدث. والنوم يفترق قليله من كثيره فنبه على أن هذا المشارك له بخلافه.

والجواب عن السؤال الخامس: أن يقال: إنما خص اليد بالذكر لأنها هي التي يلمس بها عادة. ولهذا خصها المتكلمون عند ذكرهم حاسة اللمس. وبعض الفلاسفة يرى أيضًا أنها أحس من غيرها. وأما تخصيصه الفم بالذكر فلأن بعض أصحابنا رأى أن القبلة على الفم بخلافها على الخد. وأن القبلة على الفم يجب بها الوضوء على الإطلاق من غير اعتبار لذة. وليس هذا بهدم لما بنيناه من اعتبار اللذة، لأنهم اعتلوا بأن القبلة على الفم لا تكاد تخلو من اللذة وإن خفيت أحيانًا. فلهذا الاختلاف في هذا العضو خصه بالذكر.


(١) الوضوء ساقطة -ح-.
(٢) القصد ساقطة -ح- احتمال هذا لقصدنا ما قلناه -و-ق-.
(٣) ساقط -ح-.
(٤) هكذا في جميع النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>