قوله إنَّ العمى والشلل والقطع ليس بفوت يمنع من الرد. وقد ذكرنا عن ابن مسلمة أنَّه يرى ذلك فوتًا يمنع من الرد ويوجب أخذ قيمة العيب. وينبغي أن يكون إنكاح الأمة كذلك لأنَّه يتلف المقصود منها, لا سيَّما إن كانت سريَّة, لأنَّ الغرض من السريَّة وطؤها، وقد امتنع لسبب التزويج. وإن كانت من الوخش فتردّد الزوج إلى دار سيدها يقتضي التمكين من وطئها مما يعظم الضرر فيه، فوجب أن يكون ذلك فوتًا.
فأنت ترى كيف بالغ بعضهم في تحقيره حتَّى لم يجعل له تاثيرًا، وبالغ بعضهم في تعظيمه حتَّى جعله فوتًا يمنع من الرد.
فإذا تقرَّر هذا وثبت أنَّ المشهور من المذهب تمكين المشتري من رد الأمَّة وما نقص منها عيب النكاح، فإنَّها إن كانت ولدت من هذا النكاح فردَّها على سيدها بالعيب القديم فإنَّه لا يمكن البائع الذي ردَّت عليه من فسخ هذا النكاح لكونه عقد بوجه جائز. ولكنَّه في المدونة اعتبر قيمة الولد، هل في قيمته ما يجبر به عيب النكاح؟ فيرتفع هذا العيب ويكون المشتري بالخيار بين أن يردَّها بالعيب القديم ولا شيء عليه، أو يمسك ولا شيء له، كما لو لم يحدث عنده عيب. وذكر سحنون في المدونة أنَّ غيره لا يجبر عيب النكاح بقيمة الولد، كما لا يجبره بالنماء الحادث فيها. وقد اشتهر عن الشيخ أبي القاسم السيوري أنَّه كان يذهب إلى أنَّ الولد غلة، كاللبن والصوف. وإذا كان كذلك كان الولد للمشتري. ويعتضد بهذا الذي وقع في المدوّنة من قوله إنَّ المشتري يجبر به عيب النكاح. فلولا أنَّه له كما تكون الغلات ما جبر به ما لزمه من عيب النكاح، وأدَّاه في غرامة وجبت للبائع عليه. وهذا الذي يشير إليه مما يصعب الانفصال عنه من ناحية الفقه. لكن من ناحية ما يؤدي إليه من تناقض في الرواية يسهل الانفصال عنه. وذلك أنَّه في هذه الرواية أوجب رد الولد وجبر به عيب النكاح.
وعيب النكاح إنَّما يلزم فيه قيمة، ولا يلزم فيه أن يدفع المشتري عرضًا بغير اختياره. ولا يلزم البائع أيضًا قبول عرض عن دنانير وجبت له على المشتري إلَاّ باختياره. وها هنا جعل الحكم ردّ عين الولد، وهذا يقتضي أنَّه أنزل الولد