للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المشتري إذا باع فلم يعلم بالعيب، فإنَّه لا مقال له، أنَّ منهم من قال: العلَّة في ذلك كون المشتري استدرك الظلامة. وأشار بهذا إلى ما بسطه ابن القاسم من التعليل من كون المشتري لم يبخس لأجل العيب. ومنهم من علَّل بأنَّه لم يويس من رد المبيع المعيب، فإذا أمكن رده على المشتري الذي باعه، لم يمكن الآن من القيام بالعيب. بخلاف عتق المشتري للعبد المعيب لأنَّ العتق يقتضي الإياس من الرد. فقد يقال أيضًا على هذا التعليل: إنَّ القتل يقتضي الإياس من الرد بخلاف الطلب بقيمة العيب والعبد قائم لم يفت. وعلى هذا الأسلوب من التعليل يجري الأمر في هذا المشتري إذا باع وهو عالم بالعيب معتقدًا أنه حدث عنده، ثمَّ علم أنَّه كان عند البائع، فإنَّ له مطالبة الذي باع منه بقيمة العيب من الثمن الذي دفعه أو إكمال الثمن. وسقط الوجه الثالث لكونه لم يغرم لمن يشتري منه شيئًا إذا باع وبين العيب.

وكذلك إن وكَّل وكيلًا على البيع فباع الوكيل وبيَّن العيب معتقدًا أنَّ الذي وكَّله حدث العيب عنده، فإنَّ التخيير الذي ذكرنا ها هنا مأخوذ ممَّا تقدَّم بيانه.

ولو توجَّه للمشتري الآخر على المشتري الطلب بقيمة العيب لفوت المبيع في يديه فألفاه مفلسًا فأراد أن يرجع بما وجب له على البائع الأوَّل إذا كان هو الأقل (١) من الثلاثة الأوجه التي يجب للمشتري الأوَّل على من باع منه، فقيل يمكن من ذلك. كما يمكن من ذلك لو استحقَّ المبيع من يديه لكون البائع الأوَّل غريمًا لغريمه، فما وجب له على غريمه كان له أخذه، إذا فقد غريمه، من غريم غريمه. وقيل لا يمكن من ذلك. لأنَّ هذا الوجوب لم يتيقَّن لإمكان أن يكون المشتري الأوَّل راضيًا بالعيب. وهذا يبسط في موضعه إن شاء الله تعالى.

والجواب عن السؤال السابع أن يقال: إذا اشترى معيبًا باعه قبل أن يعلم بالعيب ثُمَّ عاد إليه، فإنَّ هذا ممَّا اختلف الناس فيه.

فذكر الطحاوي أنَّ أبا حنيفة لم يمكنه من رد هذا المعيب على من باعه،


(١) كذا في النسختين.

<<  <  ج: ص:  >  >>