للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله عنه، إلى أنَّه ليس بفوت، كما ذهبنا إليه في الثياب (١) وفصَّلنا القول فيه في الأبكار، ولكنَّه يوجب، مع تمكين الواطىء من الرد، غرامة صداق مثل الأمة.

وبه قال ابن أبي ليلى.

وذكر سحنون رضي الله عنه عن بعض من ذهب إلى أنَّه ليس بفوت أنه يرد في الشيب نصف عشر قيمتها، وفي البكر عشر قيمتها. هذا جملة الخلاف في هذه المسألة. وأمَّا الذاهبون إلى أنَّ ذلك فوت يمْنع من الرد، فإنَّهم قد يذهبون لذلك أخذا بحماية الذريعة لمَّا كانت الفروج لا يحلُّ استباحتها إلَاّ بنكاح أو ملك يمين. وملك اليمين ها هنا قد بطل لأجل الرد بالعيب، وانحلَّ البيع من أصله، فحصل (٢) الوطء كأنَّه في غير ملك ولا نكاح ها هنا. فوجب أن يتلافى هذا بإيجاب الصداق حتَّى يقدَّر بأنَّه وطئ بحكم استباحة النكاح.

واستبعد آخرون هذا التعليل لمَّا كان العيب من سبب البائع ولم يكن للمشتري فيه مدخل، والوطء حصل من المشتري بحكم الملك، لو شاء لأبقاه في يده على التأييد، فلا يلزمه عوض عنه، وإنَّما يقدر سقوط ملكه الآن لمَّا اختار ردَّه، لا سيَّما إذا قلنا: إنَّ الردَّ بالعيب كابتداء بيع. ولا معنى لحماية الذريعة لأجل أنَّ الذريعة إنَّما تجب في أمر دخل المتعاقدان فيه مدخلًا واحدًا، فيُتصوَّر إتَّهامُهما على التحيل على ما لا يحل، وعارية الفروج وإباحة الوطء.

بغير عوض دخل فيه مالك الأمة وواطئها. وها هنا لم يدخل الواطىء على هذا، فيبعد أن يظنَّ به أنَّه واطأ مالك الأمة على أن يزن له الثمن ثمَّ يرد بالعيب عليه ويظهر أنَّه لم يعلم به.

وقد كان بعض أشياخي يعلل في هذا أن الوطء إذا حصل على وجه يمنع من إباحة وطء الأمة لمن يملكها، أو يمنعه من التصرف فيها بحكم الملك التصرف المطلق، أنَّه يوجب على الواطىء إغرام القيمة، على ما سنبيَّنه في


(١) هكذا في النسختين، ولعلَّ الصواب: الثيبات.
(٢) هكذا في النسختين، ولعلَّ الصواب: فحصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>