للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بائع واحد، فأراد أحدهما الرد وأراد الآخر أن يمسك، فإنَّ في هذا روايتين عن مالك. إحداهما أنَّ المشتري يمكن من ذلك. وبه قال الشافعي ومحمد بن الحسن وأبو يوسف. والرواية الأخرى رواها أشهب عنه أنَّه لا يمكن من ذلك.

وبه قال أبو حنيفة. وسبب هذا الإختلاف النظر في هذه الصفقة والعقد الواحد هل يقدر كصفقتين وعقدين أو كصفقة واحدة وعقد واحد.

فمن قدَّره كصفقتين، مكَّن أحد الشريكين من رد نصيبه، وإن لم يرد شريكه.

ومن رآه كصفقة واحدة، لم يمكنه من الرد.

فيحتج من رآه كصفقتين بأنَّ التعدد إذا كان من ناحية البائع، كما مثلَّنا به في المسألة الأولى، أنَّ الصفقة تعد كصفقتين، ولهذا مكن المشتري الواحد أن يردَّ على أحد البائعين. وكذلك إذا كان التعدد من ناحية من اشترى.

وأجيب عن هذا القياس بأنَّ التعدُّد إذا كان من جهة من باع، فإنَّ المشتري لعبد من رجلين إذا ردَّ على أحدهما نصف العبد وهو جميع ما اشتراه منه، هل يلحق هذا البائع مضرَّة في تبعيض صفقته إذ لا علاقة بينه وبين شريكه في هذا وملكه يتبعض عليه. وإذا كان التعدد من جهة من اشترى، فإنَّ أحد المشتريين لهذا العبد إذا ردَّ نصيبه على بائعه هو رجل واحد تبعَّضت عليه صفقته، والتبعيض إضرار به، فوجب أن يكون من حقِّه الامتناع من هذا الضرر.

ويؤكِّد كون العقد الواحد صفقتين أيضًا أنَّ كلَّ واحد من المشتريين مختص بحكمه في العهدة والمطالبة بما عليه من الثمن، إلى غير ذلك من أحكام العقود. وكذلك يجب أن يخصَّ حكمه في العيب ويكون ذلك صفقتين.

ومن يرى ذلك كالصفقة الواحدة يقول: لو باع رجل من رجلين عبدين، فأراد أحدهما أن يقبل أحد العبدين المتساويين، وأراد الآخر ردَّ العقد، فإنَّه لا يمكن مَنْ قَبِلَ أحد العبدين من هذا القبول. وهذا يقتضي كون الصفقة ها هنا واحدة لا تقدَّر كصفقتين، إذ لو قدَّرت كذلك، لمكن هذا من أخذ أحد

العبدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>