ارتجع المشتري خمسها، وهو عشرة دنانير, لأن الواجب له ارتجاع ما نقص لا ارتجاع القيمة، لكونهما تراضيا بثمن فيلزمها ذلك، وافق القيمة أو خالفها. فإن أراد المشتري أن يردَّ قيل: ما قيمتها وبها العيب الحادث؛ فإن قيل: ستون، فقد ذهب عند المشتري جزء قيمته عشرون دينارًا، وهي من المائة التي هي التقويم الأوَّل خمسها، ومن الثمانين التي هي التقويم الثاني الذي حصل في يد المشتري، ربعه، فعليه رد ربع ما قبض، والذي قبض يساوي ثمانين. فإذا كان الثمن خمسين دينارًا فذهب منها عشرة ثمن الجزء الذي بقي عند البائع، والجزء الذي ذهب عند المشتري الذي حصلت في يديه، ردَّ السلعة وردَّ معها عشرة دنانير، فهو بالخيار بين أن يرد ويغرم عشرة، أو يمسك ويأخذ عشرة. فأمَّا العشرة الأولى التي يرتجعها فواضح أنَّ القيمة يعتبر فيها يوم العقد، لما قدَّمناه من كون البائع أخذ عوضها فيطالب بحصَّتها من الثمن، كما طولب إذا أخذ منه قيمة العيب. وإنَّما المشتري أتلفها واختار ردَّ المبيع ونقضه من أصله، فإذا انتقض البيع من أصله، انتقض في الثلاثة أخماس التي ردَّها وفي الخمس الذي ذهب عنده. وإذا انتقض البيع وبطل الثمن، ردَّ المشتري قيمة الجزء الذي ذهب عنده. (وإذا انتقض البيع وبطل الثمن الذي ردَّ المشتري قيمة الجزء الذي ذهب عنده)(١) إذ ثمنه قد بطل. وأجيب عن هذا بأن المشتري أتلفه على حصَّته من الثمن الذي رضي بكونه ثمنًا فيه. وكونه قد تلف يستحيل معه رده، وإذا استحال معه رده، مضى البيع فيه بحصَّته من الثمن. لا سيَّما إذا قلنا: إنَّ الردَّ بالعيب كابتداء بيع، فيصير المشتري إنَّما بايع البائع في الأجزاء الباقية.
هذا عندي مما يلتفت فيه في توجيه المذهبين إلى الاختلاف المشهور في الرد بالعيب، هل هو نقض للبيع من أصله أو ابتداء مبايعة الآن؟ فإذا تقرَّر هذا عدنا بعده إلى ما ذكرناه في حكم الزيادة التي يحدثها المشتري. لأنَّ النقص الذي يحدثه قد تكلَّمنا على وجوب غرامته وزمن تقويمه.