للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإِمام رحمه الله: يتعلّق بهذا الفصل أربع مسائل: أحدها أن يقال:

١ - هل يردّ الغلّة مع المبيع؟

٢ - وهل لها قسط من الثّمن إن كانت موجودة حين البيع؟

٣ - ومتى تكون غلّة لا يردّها؟

٤ - وهل يضمن المشتري ما يجبُ ردّه منها.

فالجواب عن السؤال الأوّل أنّ يقال: قرّرنا أنّ المبيع المعيب، إِذا ردّ بالعيب، يتغيّر إلى زيادة أو إلى نقصان. والزّيادة تكون غير متميّزة كالسمن، وما في معناه مِمّا ذكرناه. وتكون متميّزة كاغتلال الحيوان، على اختلاف أنواعه من نتاج أو ثمار أو استخدام، أو غير ذلك من ضروب الإغتلال. وأمّا إن كان الإغتلال ليس بعين قائمة متميّزة في الوجود، كاستخدام الدّيار والحيوان أو إجارة هذا الإستخدام، فإنّه غير واجب ردُّه مع المعيب عند سائر فقهاء الأمصار كأبي حنيفة ومالك والشّافعي وغيرهم. حتّى أنّ كثيرًا من العلماء ينكر وجود خلاف. فقال الشّيخ أبو بكر الأبهري: لا خلاف بين أهل العلم، أن هذا الإغتلال للمشتري ولا يردّه إِذا ردّه بالعب. وقال ابن الجهم: إِذا أجّر العبد بإجارة كثيرة، أو أزوج الأمة بصداق قليل أو كثير، ثمّ ردّ بالعيب، فإنّه لا يردّ ما أخذ من إجارة أو صداق. وقال: لا خلاف بين النّاس في هذا. وهكذا ذكر ابن داوود أيضًا لا خلاف بين العلماء في هذا. فأنت ترى تطابق هؤلاء على نقل الإجماع لاشتهار هذا المذهب بين العلماء.

لكن رأيتا الجوزيّ ذكر أنّ شريحا وعبد الله (١) ابن حسن العنبريّ ذهبا إلى أنّ الغلّة يردّها المشتري أيّ نوع كانت.

وأمّا إن كانت الغلّة مِمّا يتميّز، كالولد للأمّة والمواشي أو الثّمرة للأشجار، فإنّ الشّافعي ألحق هذا النّوع بحكم هذا النّوع الّذي قدمناه، وذكر اتّفاق العلماء عليه عند من نقلنا عنه ذلك، وقضى بالولد والثّمر للمشتري وإن


(١) في المدنية عبد الرحمن.

<<  <  ج: ص:  >  >>