للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غاصِبًا يضمن بالغصب، رأى أنّ قوله: "الخراج بالضّمان" عموم خرج على سبب، والألف والّام للجنس، فوجب التّعميم، لكون كلّ خراج يكون لمن عليه الضّمان. وقد قال جماعة من أهل الأصول: إنّ العموم إِذا خرج على سبب، لم يقتصر على سببه بل تعدّى.

ومن رأى أنّ الغاصب يردّ الغلّة، خصّ هذا العموم بقوله: ليس لِعرْقٍ ظالم حقّ (١). والغاصب ظالم، فلا حقّ له.

ويحمل الحديث على ضمان ضمن بالملك كمشتر ردّ بالعيب بعد أن كان مالكًا، بخلاف الضّمان بالتّعدّي، أو يحمل الحديث على مثل السبب الّذي خرج عليه وهو ضمان ما ملك، كالمبيع المعيب الّذي لو شاء المشتري لم يردّ على بائعه. وقد أشار ابن داوود إلى هذا بأنّ النّظر يقتضيه، وإنّ لم يردْ الخبر، لأجل أنّ المشتري إنّما اغتلّ ما ملك، ولو شاء لم ينقض البيع فيه، وهو لم يشترِ الغلّة ولا أخذها وهي في ملك البائع. فيجب ردّها على البائع.

وهذه الإشارة الّتي أشرنا إليه لها تعلّق بأصل آخر قد ينشأ الخلاف منه أيضًا في هذه المسألة، وهو النّظر في كون الرّدّ بالعيب هل يقدّر أنّه فسخ للبيع من أصله ونقض للملك، حتّى كأنّه لم ينتقل عن البائع، فتكون الغلّة له أيّ نوع كانت.

ومذهب الشّافعيّة أنّه رفع له الآن.

وأشياخنا يقودون بأنّ المذهب عندنا عدى قولين، هل الرّدّ بالعيب نقض للبيع من أصله؟ أو كابتداء بيع الآن؟ ويخرّجون هذا من مسائل إحداها الاختلاف المشهور في مسألة من اشترى أمة على المواضعة، ثمّ ردّها. بعيب بعد خروجها من المواضعة، هل يجب أيضًا على المشتري مواضعتها كما وجب له ذلك على البائع منه لكونه بائعًا؟ وإن قلنا: إنّ ذلك رفع للبيع من أصله، فإنه لم يبع فلا عليه المواضعة. وإن جاء بها البائع عن قربها حتّى يستبريء. وقد يقال في هذا: إنّما وجبت لأنّه أخذها من بائعها وهي فارغة من الولد، فعلبه أن


(١) الموطأ ج٢ ص٢٨٧ ح٢١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>