للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن دينار أنّه إِذا مضى خمسة وأربعون يومًا مكّن البائع من الفسخ، إن أراده، لما يلحقه من الضّرر في الانتظار. ومدار هذا كلّه على ما أشار إليه في المدوّنة من اعتبار حصول الضّرر. فإنّه إِذا حصل، كان للمشتري مقال في فسخ البيع لأنه لم يشتر إلاّ ما ينفعه لا ما يضرّه.

وممّا يعدّ عيبًا أيضًا من ناحية الفرج هو أنّ يكون العبد والأمة يبولان في الفراش. فإنّه إِذا كان ذلك، وهما من الصّغر بحيث لا يستنكر ذلك فيهما، فلا مقال للمشتري. وإن بلغا السنّ الّذي يستنكر ذلك فيه، ويثبت أنّ ذلك كان عند البائع قبل عقد البيع، فللمشتري الرّدّ. وإن لم يثبت ذلك، فإنّ محمَّد بن عبد الحكم لم يرَ له تأثيرًا لجواز أن يكون العبد أو الأمة كرها من اشتراهما فتعمدا البول في الفراش ليردّهما. والظاهر من المذهب أنّ هذا من التّجويز البعيد الّذي لا يسقط الحقوق. فذكر ابن حبيب أنّه ينبغي إن توقف على يد امرأة أو رجل له امرأة، فإن نظرت إلى الفراش لمّا أصبح وهو مبلول وأخبرت بذلك، فإنّه يوجب على البائع اليمين لثبوت هذا اللّطخ، وإن لم يثبت هذا اللّطخ، فلا يمين عليه.

وإن كان المشتري هو المحاول إثبات هذا عند القاضي، فإنّه لا يقبل فيه إلاّ شهادة عدلين أبصرا ذلك.

وأمّا الخَنَث في الذّكرَان والفحولة في النّسوان، فإنّ في المدوّنة أنّ ذلك عيب يردّ به العبد والأمة. وشرط في الأمة أن تشتهر بذلك. لكن ابن حبيب فسّر هذا العيب المجمل في كتابه، فذكر أنّ مالكًا إنّما يجعله عيبًا إِذا كان الذّكر يؤتى، والأنثى فحْلَة لشرار النّساء. وأمّا التأنيث من جهة التكسر في المعاطف والنّظر والنّطق، فإنّ هذا ليس بعيب يردّ به.

وقد حمل الشّيخ أبو محمّد بن أبي زيد قول ابن حبيب هذا على أنّه مخالف لمذهب المدوّنة، وأشار إلى أنّه لا يشترط في المدوّنة كون المخنّث يؤتى، والجارية تراضع (١) النّساء.


(١) هكذا في النسختين، ولعلّ الصواب: تباضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>