للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموّاز: البراءة العامّة لا يدخل فيها العمل، ولو اشترط البراءة منه في الرّائعة، لفسد البيع.

وقد حاول بعض المتأخّرين تخريج اختلاف. فقال: قد قال ابن حبيب فيمن اشترى جارية مسبيّة في المقاسم أو وقعت في سهمانه، فإنّه لا يردّها يحمل يظهر. لأن بيع المقاسم بيع براءة. قال: وهذا يقتضي دخول العمل في البراءة العامّة.

وهذا الّذي قاله قد يجاب عنه بأن المسألة مبنيّة أنّ المسألة (١) ذات زوج. وقد قدّمنا أنّ من اشترى أمة ذات زوج فإنّه لا يرد يحمل يظهر. فإذا أمكن هذا كان هذا التّحريم فيه نظر. إلَاّ أن يحمل ما ذكرنا على جارية مسبيّة ليست بذات زوج. وإذا تقرّر حكم البراءة وتأثيرها، وما يجوز منها وما لا يجوز إذا وقع الشّرط في العقد، فإن التّبرّي من العيوب بعد العقد على وجهين.

أحدهما: أن يتبرّأ البائع من عيب ظاهر، فإنّ المشتري يخيّر حينئذ في قبول البيع أو ردّه. كما لو اطّلع على عيب من تلقاء نفسه، وإن لم يكن عيبًا ظاهرًا، فإنّه لا يلزم المشتري تصديق البائع، بل يقف الأمر على اطلاع المشتري عليه، وتقدّم الكلام على هذا.

وأمّا إن تبرّأ بعد العقد بعوض، فإنه ذكر في المدوّنة فيمن باع دابّة وأتى بعد العقد فتبرّأ من عيوبها على دينار بذله المشتري (٢) فإنّ ذلك لا يبريه. وإن كان ذلك في جارية، لصحّت البراءة. قال ابن حبيب: لأنّ ما بعد العقد ملحق به. كما يصحّ استلحاق مال العبد بعد العقد، كما يصحّ اشتراطه في أصل العقد. وكما يشتري مكيلة من صبرة طعام بعد أن باعها والمكيلة بمقدار ما يجوز استثناؤه من الصبرة كيلًا. وهذا الّذي ذكروه بناء على تخصيص الرّقيق بجواز البراءة من عيوبه، ومنع ذلك فيما سواه من الحيوان. وقد ذكر ابن حبيب


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: المَسْبيَّة.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: للمشتري.

<<  <  ج: ص:  >  >>