للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كابتداء بيع، عاد الأمر إلى ما كنّا قدّمناه من اعتبار تعلّق الضّمان بمجرّد العقد للبيع أو بمجرّد العقد مع اعتبار مضيّ إمكان التّسليم بعده.

ولو لم يقض السلطان بالرّدّ ولكن قال: فسخت البيع لأجل العيب، فإنّ ابن القصّار ذكر أنّ البيع ينتقض. فهذا عندنا وعند الشّافعي. وهذا الّذي قاله، إنّما يحسن إذا كان لا إشك الذيه ولا تدَاعٍ (١). وأمّا إذا كان مِمّا فيه اختلاف بين العلماء وندل بين الخصمين، فينبغي ألاّ يقتصر في الفسخ على مجرّد قول المشتري.

وقال ابن القاسم: إذا اطّلعت المرأة على أنّ زوجها عبد، فإنّ النّكاح ينفسخ بفسخها له. بخلاف لو اطّلعت على أنّ به برصًا، فإنّه لا ينفسخ بمجرّد قولها, لأجل أنّ الرّدّ بالبرص يفتقر إلى اجتهاد.

والجواب عن السؤال الثّاني أن يقال:

قد تكلّمنا في كتاب البيوع الفاسدة على أحكام الضّمان بعد القبض، وذكرنا خلاف فقهاء الأمصار وغيرهم في ذلك، وأشرنا إلى حكمه قبل القبض أيضًا، وتعلّق الضّمان فيه بمجرّد التّمكين من غير قبض على اختلاف أهل المذهب في ذلك، وذكرنا سبب اختلافهم في هذا. وكذلك تصرّف المشتري فيه وهو في يد البائع، فإنّه إن باعه المشتري قبل أن يقبضه بيعًا صحيحًا، فإنّ فيه اختلافًا. وقد عورض فيه من لم يمض بيع المشتري فيه قبل القبض بأنّه أمضى فيه هبته فيه قبل القبض، والبيع أحرى أن يقضي، لكونه لا يبطله الموت ولا الفلس بخلاف الهبة. وقد قيل في الهبة: إذا باعها الموهوب قبل أن يقبضها، فإنّ موت الواهب لا يبطلها لتعلّق حقّ المشتري بها. وذكر أشهب أنّ عتق البائع للعبد المبيع بيعًا فاسدًا لا ينفذ ولو ردّ عليه العبد بالفسخ، وعتقُ المشتري ينفذ في يد البائع، لأجل أنّ البائع ممكّن للمشتري من التصرّف فيما باعه. وإن كان سحنون لا يرى عتق المشتري نافذًا, لأنّ إذن البائع في التصرّف لا يصحّح العقد. وذكر أشهب أنّ المشتري إذا أعتق العبد وهو في يد البائع قبل أن


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: تداعيًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>