للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له لم يلزمه أن ينتقل عنه حقه في ذلك إلى غير من استحقه عليه، ألا ترى أن الحوالة لا تلزم بغير رضي من له الدين لما كان استحق دينًا في ذمة فلا يلزمهُ التنقل إلى غيرها.

وأجيب عن هذا بأن إلزامه للحوالة إسقاط ملك له عن ذمة واشتراء ذمة أخرى، والبيع والشراء لا يكون إلا بالتراضي. وهذا المعنى لا يتصور في الوكالة.

وأما ما ذكروه أيضًا من كون الوكيل قد يقع في المدَافعة بباطل، فإن ذلك لم يحرم عليه الوكالة, لأنه يبني أمره على صدق من وكله، ألا تراه إذا رضي الخصم بالوكالة حصل الاتفاق على جوازها مع إمكان أن يكون الوكيل يقع في باطل. وإنما ذلك لأنه يبني أمره على صدق من وكله.

وكذلك أيضًا، اختلف الناس في جواز الوكالة على استيفاء القصاص والحقوق من غير حضور الموكل. وذكر بعض أصحاب الشافعي أن الوكالة عليها تجوز من غير خلاف عندهم. وقال بعضهم بالمنع من غير خلاف. وقال بعضهم: إن مذهب الشافعي على قولين في هذا. واعتلّوا للمنع بأنه يمكن أن يكون لو حضر الموكل لعفا وأسقط حقّه في ذلك، فيجب أن يحتاط للدماء بان لا تراق مع جواز أن تصان، فإذا حضر الموكِّل لاستيفائها أُمن من هذا الذي جوزناه. واعتلّ المجيزون بأن هذا التجويز والإمكان لا يرفع الأصل الثابت وهو جواز النيابة قياسًا على سائر الحقوق. وناقضوا من منع من ذلك بأن هذا الإمكان والتجويز الذي اعتلوا به يوجب، أيضًا، ألاّ يقام الحدّ إلا إذا حضر الذين شهدوا لِجوازِ أن يرجعوا عن الشهادة.

قال القاضي أبو محمَّد، رحمه الله:

"وهي من العقود الجائزة فليس للوكيل أن يتصرف بعد علمه بعزل الموكل له وتصرفه باطل يضمن ما أتلف. وفي ضمانه ما يتصرف فيه بعد العزل وقبل العلم خلاف".

قال الإِمام، رحمه الله: يتعلق بهذا الفصل أسئلة، منها أن يقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>