اختلاف أهل الأصول في العموم في المعاني هل يثبت أم لا؟ لأن قوله: أمرك بيدك، لم يُذكر فيه الزمن بصيغة يتناوله من حيث لم يقيد الخطاب بزمن حمل على العموم.
وعلى طريقة هذين الشيخين يتصور الخلاف في الوكالة بحسب ما تُصوّر في التخيير والتمليك.
والتحقيق في هذا يرجع إلى اعتبار القصود والعوائد، هل المراد بهذه الألفاظ استدعاء الجواب بِدارًا، فإن تأخر فإن المخاطب يسقط حكم خطابه، أو المراد استدعاء الجواب معجلًا أو مؤخرًا؟
وما ذكره أصحاب الشافعي من الاستدلال بالوصية فإن الأصل في هذا كله أصل واحد يرجع إلى ما قدمته. وإن وقعت التفرقة فبحسب مقتضى المراد والمقصود في هذه الألفاظ. والغرض في الوصية اقتضاء الجواب بعد الموت إذا كان الحكم فيها جواز قبول الوصي بعد الموت مع سماعه لخطاب الموصي في الحياة وتأخيره الجواب. فإذا تقرر هذا فاعلم:
أن العقود على ثلاثة أضرب:
١ - عقد لازم من الطرفين جميعًا، كالبياعات والإجارات والنكاحات.
٢ - وعقد جائز من الطرفين جميعًا كالجعالات والمساقاة والقراض، على أحد الأقوال، أيضًا، عندنا، فإنه قد قيل في الجعل والقراض: إنه لازم بالعقد لهما جميعًا. وقيل: بل كل واحد منهما بالخيار، ما لم يعمل العامل، على ما سيبسط في موضعه، إن شاء الله تعالى.
فإن قيل: هلا عددتم النكاح من العقود اللازمة من أحد الطرفين، وهو المرأة، الجائزة من الطرف الآخر وهو الزوج لكونه قادرًا على حَلِّ العقد بالطلاق وإن لم ترض الزوجة بحله.
قيل: ليس المراد بما ذكرناه إلا النظر في رفع العقد من أصله. والزوج، ها هنا، إنما يملك قطع استدامة العقد واتصاله، لا رفع العقد من أصله، ألا تراه